ثقافةصحيفة البعث

من ذاكرة الوطن.. منى كردي وماريا ديب

 

لأنها ما زالت راسخة في الأذهان كان حديث الإعلاميتين القديرتين ماريا ديب ومنى كردي عن حرب تشرين التحريرية من خلال الندوة التي أقامتها مؤخراً في مركز ثقافي أبو رمانة جمعية سورية المدنية تحت عنوان “الفن والحرب” مؤكداً طارق الأحمد رئيس مجلس إدارة الجمعية في بداية الندوة أن الهدف من استضافة الإعلاميتين ديب وكردي إلى جانب تعريف الأجيال الحالية بهما هو الحديث عن ذكرياتهما للتأكيد على معنى التشبث بتلك الذكريات والقيمة المضافة لها في زمن كنّا نشاهد فيه قناة واحدة وبرنامجاً واحداً.

الحب والوفاء لسورية
وأكدت كردي في مداخلتها على الصلة بين الحرب والمجتمع والحياة والفن، مشيرة إلى أنها كانت داخل مبنى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون حينما قُصِفَ المبنى في حرب تشرين التحريرية، وتذكر يومها كيف تم الإيعاز لخروج جميع المذيعات والموظفات من المبنى، ولكنها عندما وصلت إلى البيت واقترب موعد نشرة الأخبار باللغة الفرنسية اتّصلت بمدير الإذاعة لتسأله عمّن سيُقَدِّم النشرة بعد خروج جميع المذيعات من المبنى، وحين ترك المدير القرار لها ما كان منها إلى أن عادت إلى الإذاعة سيراً على الأقدام لتُقَدِّم النشرة بصوتها، مبينة كردي أن الإعلام السوري يثق به الناس وقادر على تقديم المعلومات الصحيحة، ولو لم يتمتع بذلك لما قُصِفَ في فترة الحرب، لذلك تشعر اليوم بالناس الذين يتألمون ويعيشون تحت القصف وهي تجربة قاسية، وغالباً فإن من يخرج سالماً يخرج أكثر شجاعة وأوسع نظرة وأشد عناداً وأقوى إرادة لبناء وطن صحيح، ويُؤسف كردي اليوم أننا نفتقدُ إلى الحب والوفاء، وهما عنصران مهمان لبناء سورية، داعية السوريين للعودة لأن الوطن بحاجة للجميع، وسورية وطن لا يعوَّض.

قلب واحد
وبينت ماريا ديب في حديثها أن حرب تشرين التحريرية صنعت للشعب السوري إعلاماً قومياً وخلقت تماسكاً وحباً بين أفراد المجتمع، وقد كانت الأغاني خير مرافق للشعب السوري في انتصاراته وخير معبّر عن الأحداث الاستثنائية والعظيمة التي جرت في الحرب، منوهة إلى أنه تم إنتاج أغنيات ومسلسلات عن هذه الحرب من القلب وبكل حب وهي ما زالت تؤثر فينا حين مشاهدتها أو الاستماع إليها اليوم، فنتفاعل معها لأنها كانت منجزة بفعل حب الوطن، متحدثة ديب عن الحب المُتبادل بين الإعلامي والمشاهد أو المستمع وعن عصر إعلامي كان فيه الإعلاميون يعملون بقلب واحد ويبحثون عن الأفكار ويتبادلون المعرفة لتقديم ما هو أرقى وأفضل، لذلك كانت كل البرامج التي تُقَدَّم مدروسة بشكل جيد، موضحة أن برنامجها الشهير “ما يطلبه الجمهور” من البرامج التي تعلّق بها الناس لأنه كان منهم وإليهم، وأن آلاف الرسائل كانت تصل إلى البرنامج وتفرَز لتكون الأولوية لتلك الرسائل المرسلة من قبل الجنود على الجبهة لتقديم إهداءاتهم من الأغاني إلى أمهاتهم وأبنائهم، وبالعكس.

القديرة هيام حموي
وانضمت الإعلامية هيام حموي إلى الإعلاميتين ديب وكردي بعد أن دعتها كردي صديقتها وزميلتها في الدراسة والإذاعة إلى المنصة، وقد نوهت إلى أن حموي أوفدت إلى باريس لإكمال دراستها، وهناك عملت في إذاعة مونت كارلو وإذاعة الشرق، مشيرة حموي في مداخلتها إلى أنها كانت في باريس خلال حرب تشرين مع زملاء لها عرب قرروا في إذاعة مونت كارلو الإَضراب عن العمل في حال لم تتحول برامجها إلى برامج إخبارية بسبب ظروف الحرب، مبينة حموي أننا كعرب عشنا حروباً عديدة، ومهمة الإعلامي تحقيق التواصل مع المتلقين بأشكال مختلفة وفي كل الظروف.

فيلمان توثيقيان
يُذكر أن الندوة بدأت بعرض فيلمين يلخصان مسيرة كردي وديب في الإعلام، وجاء فيهما أن منى كردي ولِدت في حلب، وسرعان ما غادرتها وهي طفلة باتجاه دمشق التي أنهت فيها المرحلة الثانوية وهي تُجيد وبطلاقة اللغتين الفرنسية والإنجليزية، وانتسبت إلى جامعة دمشق قسم اللغة الفرنسية، وفي العام 1968 تَقَدَّمت لمسابقة أجرتها إذاعة دمشق فتم اختيارها لتكون مذيعة في القسم الفرنسي.. ولم يقتصر عملها الإذاعي على ترجمة الأخبار باللغة الفرنسية وتقديمها، إذ قَدَّمت برامج عدة، منها “ما يطلبه المستمعون” من الأغاني الفرنسية و”امرأة أين أنتِ الآن” و”القضايا العربية” و”في الصحافة الأجنبية” و”قصة الأٍسبوع” وفي العام 1973 وأثناء حرب تشرين بدأت بتقديم نشرات الأخبار بالفرنسية والإنجليزية للمتواجدين على الأراضي السورية، وتلك كانت بداية دخولها إلى عالم التلفزيون، والبداية كانت ببرنامجي “أنغام من العالم” و”فلاش” إلى أن قَدَّمت برنامجها الأشهر “نجوم وأضواء” وفي العام 1988 تزوّجت وسافرت إلى إسبانيا لتتوقف عن العمل الإعلامي حتى العام 1992 وخلال دورة الألعاب الأولمبية التي استضافتها إسبانيا عملَت مراسلة للتلفزيون السوري، وفي منتصف التسعينيات قررت العودة لسورية ففُتِحَت لها أبواب الإعلام، إلا أنها رفضت العمل معللة ذلك: “عندما عدت لم أجد عائلتي الإعلامية “لتبدأ رحلتها عام 1999 بالعمل مع منظمة الهلال الأحمر السوري.
وجاء في الفيلم الثاني أن الإعلامية ماريا ديب حاصلة على إجازة في الإعلام من جامعة دمشق، وارتبط اسمها بشكل كبير ببرنامج “ما يطلبه الجمهور” وبدأت عملها الإعلامي عام 1969 من خلال برامج تسجيلية، ثم أصبحت مقدّمة برامج وواكبت مسيرة التلفزيون في انتقال بثه من الأبيض والأسود إلى الألوان، وفي العام 1979 انطلقت خارج الأستوديو لتكون أول من حمل الكاميرا المحمولة والملونة لتصوّر أول مزرعة لإنتاج الورود في سورية، كما ترأست دائرة الأطفال في التلفزيون وأشرفت على برامج موجهة للأطفال.. أهم البرامج التي قدمتها: “مجلة التلفزيون-ليالينا-ألوان-عشرة عمر-أغاني على الهوا”.
أمينة عباس