الانتقادات ضد سياسات أردوغان تصل إلى اجتماعات حزبه
وصلت الأصوات المعارضة لسياسات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، سواء في الشأن الداخلي أو الخارجي، إلى داخل اجتماعات كتلة “حزب العدالة والتنمية” في البرلمان، ما يشير إلى حجم الرفض الشعبي الذي يواجه “سلطان الدواعش”.
وفي هذا الإطار تفاجأ “الإخونجي” أردوغان بمقاطعة أحد المواطنين الأتراك الغاضبين لكلمته في التكتل الحزبي في أنقرة، قائلاً: “إن أبناءه وزوجته جوعى”، في وقت كان فيه الطاغية يتحدّث عن إنجازات نظامه في المجال الاقتصادي.
والمواطن فُصل من عمله بحجة مشاركته في محاولة الانقلاب المزعومة عام 2016، ورغم تبرئته قضائياً، فالنظام التركي، والذي يظن نفسه فوق القانون، لم يعده إلى عمله، مُثله مثل عشرات الآلاف من معارضي أردوغان.
وحسب صحيفة زمان التركية فإن الرجل الغاضب أخرج من قبل حراس أردوغان خارج القاعة، ولم يسمع صوته مجدداً.
وتشير تصريحات المواطن الغاضب إلى المظالم التي يتعرّض لها عشرات الآلاف من الأتراك، الذين اعتقلوا بحجة مشاركتهم في الانقلاب، كما يشكّك في مزاعم النظام التركي بتحقيق إنجازات اقتصادية في السنوات الأخيرة.
ويترنّح الاقتصاد التركي على وقع هزات، إذ هوت الليرة التركية لأدنى مستوى لها منذ أيار، بعد تعليقات من وزير خزانة أردوغان أشار فيها إلى أن البنك المركزي قد يواصل خفض أسعار الفائدة.
وهوت الليرة التركية نحو أربعين بالمئة، خلال العامين الماضيين، وتواصل هبوطها نتيجة ارتفاع مستويات الديون الخارجية لتركيا، في ظل السياسات الاقتصادية الرعناء لنظام أردوغان.
وأثقل أردوغان كاهل تركيا بنفقات كانت في غنى عنها، لكنه يجادل بأن المعارك التي يخوضها على أكثر من جبهة، سواء تلك المتعلّقة بسرقة النفط والغاز في شرق المتوسط، وما جلبته من غضب أوروبي، أو العدوان العسكري على الأراضي السورية، ودعم الإرهاب فيها وفي ليبيا، ضرورية لتحصين الأمن القومي التركي، وهي ذرائع ترفضها أغلبية الأتراك.
وتخيّم على الأسواق التركية مخاوف من اتساع نطاق تدخلات أردوغان المدفوعة بأطماع شخصية، وبالبحث عن استعاد أمجاد عثمانية واهية، وأيضاً بأجندة أيديولوجية قائمة على دعم جماعات الإسلام السياسي.
ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن علّة الاقتصاد التركي تمكن في الأداء السياسي، وأن أسباب تراجع قيمة الليرة مرتبط بالأساس بالتوترات التي فجّرها أردوغان مع أكثر من شريك تجاري على خلفية تضارب المواقف حول قضايا إقليمية ودولية.
وأشاروا أيضاً إلى أن فاتورة الاعتداءات العسكرية على ليبيا وسورية أحدثت فجوة عميقة في التوازنات المالية، وأنه كان الأولى أن يلتفت النظام إلى معالجة أزماته الداخلية الاجتماعية والسياسية.
ويسعى أردوغان لإيجاد مخرج لمأزق تمويل تدخلاته العسكرية الخارجية، مراهناً على دعم من مشيخة قطر يخفف الأعباء عن بلاده، لكن متابعين لمسار الاقتصاد التركي وتقلّباته استبعدوا أن تعيد تلك التمويلات، إن توفّرت، إلى تركيا استقرارها المالي، مشيرين إلى أن الإخلالات المالية أكبر من أن تعالجها تمويلات خارجية، فهي قد تخفف من حدة الأزمة، لكنها لن تنهيها.
وعوض تغيير السياسات الخارجية، يلجأ رأس النظام التركي إلى تكميم الأفواه، في مختلف المدن والمناطق التركية، حيث اعتقل أكثر من 77 ألف شخص، فضلاً عن فصل أو إيقاف عن العمل بحق نحو 170 ألفاً من العاملين في الحكومة والجيش وسلك القضاء والتعليم ومؤسسات أخرى، خلال حالة الطوارئ، التي أُعلِنت عقب محاولة الانقلاب المزعومة، واستمرت عامين كاملين.
كما قام النظام التركي بتضييق الخناق على عدد من الصحف والصحفيين، واعتقل عشرات السياسيين والحقوقيين ورجال الأعمال، بذريعة صلتهم بمنظمة الداعية التركي فتح الله غولن، حليف أردوغان السابق.
وأمام الأوضاع المتدهورة لم يجد المواطن التركي البسيط سوى حرق نفسه لإيصال صوته، وهو ما حصل مع المواطن آدم ياريجي، والذي أقدم على إنهاء حياته حرقاً، في بداية الشهر الحالي، رفضاً لظروف عيشه الصعبة، كما أضرم مواطن آخر، في بداية عام 2018، النار بنفسه أمام مبنى البرلمان في أنقرة احتجاجاً على الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها قسم كبير من الأتراك.
ونشر النائب عن حزب الشعب الجمهوري، طونجاي أوزكان، مقطع فيديو يظهر المواطن التركي الذي يعمل في البناء، وهو يضرم النار بنفسه بعد أن سكب البنزين على جسده ليتم فيما بعد نقله إلى المستشفى، وقال النائب أوزكان في تغريدة على موقع تويتر: “إن هذه الصور المؤلمة هي نتاج الفقر الذي يدل على عجز الحكومة عن إدارة البلاد”.