أكد في كلمة متلفزة بمناسبة معارك التحرير الأخيرة أن حلب انتصرت وسورية انتصرت الرئيس الأسد: معركة تحرير ريف حلب وإدلب مستمرة بغض النظر عن بعض الفقاعات الصوتية الآتية من الشمال التحريــر لا يعني نهايــة الحــرب ولا استســلام الأعـــداء.. لكنه يعني تمريغ أنوفهم في التراب كمقدّمة للهزيمة الكاملـة
الجيش لن يتوانى عن القيام بواجباته الوطنية..
ولن يكون إلا كما كان جيشاً من الشعب وله
أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن حلب انتصرت، وسورية انتصرت، وأن الجيش العربي السوري لن يتوانى عن القيام بواجباته الوطنية، ولن يكون إلا كما كان جيشاً من الشعب وله، فالتاريخ لم يعرف جيشاً انتصر إلا عندما توحّد معه الشعب في معركته، وهذا ما رأيناه في حلب وغيرها من المدن السورية، وشدّد، في كلمة متلفزة بمناسبة معارك التحرير الأخيرة، على أن معركة تحرير ريف حلب وإدلب مستمرة بغض النظر عن بعض الفقاعات الصوتية الفارغة الآتية من الشمال، كما استمرار معركة تحرير كل التراب السوري وسحق الإرهاب وتحقيق الاستقرار.
وفيما يلي نص الكلمة:
أهلنا أبناءَ حلب الكرام.. تحية الثبات والصمود.. تحية الإيمان بالله والوطن.. تحية الشجاعة والتضحية.. يحملها إليكم جيشُنا العربي السوري على أجساد مقاتليه.
عندما تحررت مدينةُ حلب في نهاية العام ألفين وستة عشر، قلت بأن ما قبلَ تحرير مدينةِ حلب لن يكون كما بعدها، انطلقت في ذلك من معرفتي إلى أين يسدّد أبناءُ قواتنا المسلحة بقلوبهم وعقولهم، انطلقت في ذلك من يقيني بأن وطنيةَ أهلِ حلب ووفاءهم لوطنهم ولجيش الوطن ستقلب حساباتِ الأعداء. وهذا ما حصل، وكان لا بد من أن تدفع حلب ثمناً كبيراً يعادل عظمة شعبها ووطنيةَ موقفها.. سنوات من القصف العنيف والوحشي طال معظم الأحياء، عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، من اليتامى والثكالى والأرامل.. سنوات من الحصار دون ماء أو كهرباء أو غيرها من أساسيات الحياة لتركع حلب وليستسلم أبناؤها.
مع كل قذيفة غدر سقطت، كان أمل الأعداء يزداد في أن تصبح حلبٌ ذاتُها، حلب غيرَها، حلب أخرى لم تكن موجودة عبر التاريخ.. حلب التي لا تشكّل، مع توءمها دمشق، جناحين يطير بهما الوطن، بل تلك التي يصطف أبناؤها في صف الخونة أمام الأسياد، يركعون لهم ويسجدون، ويستجدون القليل من الدولار والكثير من العار.. هذا ما كان في أحلامهم.. أما في عالمنا الحقيقي، فمع كل قذيفة سقطت سقط معها الخوف، وازدادت الرغبة بالتحدّي.. مع كل شهيد ارتقى، سمت الروح الوطنية، وتجذّر الإيمان بالوطن.. في عالمنا الواقعي بقيت حلب الحقيقية، حلب التاريخ والعراقة والأصالة، ولأنها كذلك فإن شعبها لم يقبل بالصمود فقط، بما يعنيه من تحمّل للألم والمعاناة والخضوع للأمر الواقع، وإنما بما يعنيه من عمل وإنتاج استمر خلال سنوات الحصار بالرغم من الظروف المناقضة كلياً لأي منطق اقتصادي.
ومع ذلك بقيت هذه المدينة تساهم، ولو بحدود دنيا، في الاقتصاد الوطني، وأنا على ثقة بأن هذا النوع من الصمود، الذي يعكس الإرادة الصلبة والانتماء العميق المتجذّر، هو الذي سينهض بحلب من تحت رماد الحرب ليعيد لها موقعها الطبيعي والرائد في اقتصاد سورية.
صحيح أن تحرير المدينة عام ألفين وستة عشر لم يحقق الأمان المنشود للمدينة حينَها، وبقيت تحت نير قذائف الغدر والجبن، وصحيح اليوم أيضاً أن الانتصار في معركة لا يعني الانتصار في الحرب، لكن هذا في المنطق العسكري المجرّد الذي يُبنى على النهايات والنتائج، أما في المنطق الوطني، فالانتصار يبدأ مع بداية الصمود، ولو كان منذ اليوم الأول، وبهذا المنطق فإن حلب انتصرت، وسورية انتصرت.. انتصرنا جميعاً على الخوف الذي حاولوا زرعه في قلوبنا، انتصرنا على الأوهام التي حاولوا غرسها في عقولنا، انتصرنا على التفكّك، على الحقد، على الخيانة، وعلى كل من يُمثّل هذه الصفات ويحملها ويمارسها.
إلا أننا نعي تماماً أن هذا التحرير لا يعني نهاية الحرب، ولا يعني سقوط المخططات، ولا زوال الإرهاب، ولا يعني استسلام الأعداء.. لكنه يعني بكل تأكيد تمريغ أنوفهم بالتراب كمقدمة للهزيمة الكاملة، عاجلاً أم آجلاً، وهو يعني أيضاً ألا نستكين، بل أن نحضّر لما هو قادم من المعارك، وبالتالي فإن معركة تحريرِ ريفِ حلب وإدلب مستمرةٌ بغض النظر عن بعض الفقاعات الصوتية الفارغة الآتية من الشمال، كما استمرارُ معركة تحرير كلِ التراب السوري وسحق الإرهاب وتحقيق الاستقرار.
جيشنا العربي السوري لن يتوانى عن القيام بواجباته الوطنية، ولن يكون إلا كما كان، جيشاً من الشعب وله.. فالتاريخُ لم يعرفْ جيشاً انتصر، إلا عندما توحّد معه الشعبُ في معركته، وعندما توحّد هو مع الشعب في رؤيته وفي قضيته، وهذا ما رأيناه في حلب وغيرها من المدن السورية.. حين احتضنتم الجيش حماكم، ودافع عنكم، وضحّى من أجلكم.
إننا ونحن نعيش أوقات الفرح علينا أن نتذكّر أن هذه اللحظات حققتها سنواتٌ من الألم واللوعة والحزن، لغياب عزيز ضحّى بروحه من أجل حياة وسعادة الآخرين، وإذ ننحني إجلالاً أمام عظمة شهدائنا وجرحانا، فإنه من واجبنا أن نقف احتراماً أمام عظمة عائلاتهم الجبارة.. وإذا كان النصر يهدى فلهم، وإذا كان لأحد فضلٌ فيه، فهم أصحاب الفضل. فتحيةً لهم على ما ربّوا.. وتحيةً لأبنائهم على ما قدّموا.. تحيةً لكل فرد من أبطال جيشنا العظيم ومن خلفهم قواتنا الرديفة.. تحيةً لصلابة أجسادهم في البرد والصقيع، ونحن ننعم بالدفء والأمان. تحيةً لأشقائنا وأصدقائنا وحلفائنا الذين كانوا مع الجيش كتفاً بكتف على الأرض ونسوراً حامية بالسماء.. فاختلطت دماؤهم بدماء جيشنا، ورووا جميعاً أرض حلب، حلب الوفية لوطنها.. الوفية لتاريخها.. والتي لن تنسى دماءَ من ضحّى لأجلها، وستعود كما كانت وأقوى.
أحبتَنا وأهلنا في حلب، أهنئكم بانتصار إرادتكم، والتي بها سنخوض المعركة الأكبر، معركة بناء حلب، وبإرادة السوريين جميعاً سنبني سورية، وسنتابع التحرير بإذن الله.