فرات أسبر تتفيأ “تحت شجرة بوذا”
صدر حديثاً ديوان شعري بعنوان “تحت شجرة بوذا”، للشاعرة السورية فرات أسبر، المقيمة في نيوزيلندا، عنوانه كما تحدثت الشاعرة أسبر أثناء توقيعها للديوان منذ أيام في المركز الثقافي في جبلة بحضور عدد من الأصدقاء والمهتمين بالشأن الثقافي والأدبي، مستوحى من قصة الملك بوذا، الذي ترك مباهج الدنيا وعزها وجاهها وترفها وغادر ليبحث عن الحقيقة والسلام والطمأنينة، مخلفاً كل شيء وراء ظهره، ليجلس تحت شجرة التين باحثاً عن الحقيقة الروحية. يضم الديوان مائتين وتسعة وتسعين نصاً شعرياً متفاوتاً بين فلسفة وجودية وتصوف، إلى جانب قصائد ذات حس وطني.
لم تبتعد فرات أسبر في خطاب ديوانها هذا عن دواوينها السابقة، وحافظت على أسلوبها السلس ولغتها الشفيفة التي رسمت تفاصيل تجربة شعرية نابضة بالحيوية والقدرة على الإبداع، في محاولة دؤوبة للاكتشاف وإثارة الأسئلة التي تطرحها على نفسها أولاً، ومن ثم على المحيط، وهذه مهمة المبدع، لما تحمله هذه الأسئلة من دلالات معرفية وعمق صوفي، كما تحافظ في قصائدها هذه على تميز صوتها الشعري بنكهته الخاصة التي تختلف فيها عن مجايلاتها من الأصوات الشعرية النسائية ببقائها ضمن بوتقة ذاتها ومعاناتها التي تحمّلها صوراً حياتية تنطبق في ملامحها وسماتها على ما يعتمل في دواخلنا من مشاعر وأحاسيس، ربما كانت شاعرتنا أقدر منا على إدراكها والبوح بها، بدءاً من علاقاتنا الأسرية التي تمثل لنا جميعاً القلعة والملاذ الذي نهرب إليه من متاعبنا وانكساراتنا، لكن الزمن يجعل كل واحد فينا مشغولاً بتعبه بعيداً عن الذين كانوا يتقاسمون معه يوماً حياته بكل دقائقها وتفاصيلها، ولم يبق منها إلا الذكريات، كذلك تعتمد الشاعرة فرات الجملة الشعرية المكثفة في مناجاتها لروحها، مجللة عبارتها بغموض يحث المتلقي على سبر معانيه في محاورة للقصيدة يستوضح من خلالها مقاصدها التي لم تكشف عنها، ومن القصيدة التي حملت عنوان المجموعة “تحت شجرة بوذا” نقتطف:
“شجرة التين اليافعة/ تتشابك في الفراغ/ تتمثل في صورة امرأة/ بكل التوق أصعد/ ظهري مثقل بأكتاف الحياة/ وكنت كلما صعدت/ أرى أحلاماً وكوابيس/ تحت شجرة التين اليافعة/ رأيت بوذا/ وكنت قد صرت امرأة/ التوق يصعد بي/ وأنا أتذوق سر الملوحة والعذوبة فيه”.
الكتاب صادر عن دار العراب بدمشق ويقع في ثلاثمائة صفحة من القطع المتوسط.