صحيفة البعثمحليات

صنّاع الحياة

 

استطاعت مدينة الإنتاج أن تفرض ماركتها المسجلة وعلامتها الفارقة دولياً، ولأنها كل ما سبق وأكثر كانت حلب “شوكة في الحلوق المعادية” فكان القرار بالمعاقبة من أعداء النجاح والحاقدين التاريخيين، ومع ذلك كانت إرادة الحياة عند الحلبيين وباقي أعضائهم في الجسد السوري أقوى بانتصار “هزّ الدنيا” وجلب السلام على أيدي جيش (حسم وفعل)، ليخرج أبناء المعامل والورش وأرباب المكنات من تحت الرماد معلنين ولادة دورة العمل والأمل.
اليوم وما إن وضعت معركة حلب أوزارها وسكت أزيز الموت حتى انتعشت المحال والشركات والمعامل وتحرّكت الطاقة البشرية إلى يوميات العمل في المدن الصناعية والمناطق الحرفية وكل ما له صلة بالعناقيد والحواضن الإنتاجية. فكانت الفعاليات الصناعية والتجارية بكل مكوناتها وألوان طيف أعمالها في معركة بناء وإعمار مع الدولة ومؤسساتها التنفيذية التي استنفرت بشكل مفتوح ووضعت كل مثاقيلها في سياسة كانت فيها الحكومة بقدّها وقديدها ترابط بحلب لأسابيع طوال تشرف وتدير العمليات الإسعافية والجراحية والعلاجية المديدة لكل أركان الحياة، والعبرة بأولوية المعامل والمصانع لأنها المحرّك الأساسي والعمود الفقري للتنمية والعمران والازدهار و”رودجة” الاقتصاد الوطني كله.
في يوميات الدعم الحكومي لحلب المنتصرة ثمة انعكاس يتبدى على أرض الواقع في مئات المدارس التي رمّمت وعشرات المعامل التي افتتحت ومنشآت شرعت ومؤسسات ودوائر انطلقت بكوادرها ومستلزماتها للتخديم ونشر يد الدولة على مساحة المدينة وريفها، ومنه يمكن التأكيد أن رؤية لمرحلة جديدة من مراحل البناء الاستراتيجية لإعادة بناء حلب قد تقدّمت شوطاً.
لقد طال الإنتاج المدن الصناعية ونشطت حركة الأسواق مع مخطط تنظيمي يتماشى مع تذليل التحديات ويشمل رؤية خدمية عمرانية استثمارية جيدة أعدّت للعشرين عاماً القادمة لتأمين مخططات التنمية بدءاً من المدينة المنظمة وانتهاء بمناطق المخالفات والرؤية الاقتصادية، كنواة أساسية لإعادة إعمار حلب. ومع ذلك هناك آمال معقودة على الحكومة في الخطة الخمسية المقبلة التي تحتاج مشاريعها إلى مليارات الليرات، وهذا يعني أن حجم العمل ضخم جداً في هذه المحافظة وبالتالي يحتاج إلى تمويل ضخم.
لا يشك أحد بأن ورشة حلب تتطلب جهداً وعرقاً ووقتاً، ومن الصعوبة تحقيق الأهداف في المدى القريب، لكن على المدى المتوسط والبعيد يمكن الحصول على نتائج إيجابية في حال تضافر كل الجهود التي تسعى إلى تحقيق أولويات المحافظة لتبقى حلب في المقدمة اقتصادياً بعودة ميمونة لعشرات الصناعيين والتجار إلى موطنهم ليعيدوا ألق ما سبق، ولتصبح الشهباء “محجّة” رجال الأعمال وأصحاب المال وحاضرة الشرق التي لا يكلّ أهلها ولا يملّون لأنهم حلبيون وصنّاع العمل والأمل.
علي بلال قاسم