نسمع جعجعة؟!
لم تكن بيئتنا بخير خلال السنوات الماضية، سواء قبل الأزمة أو خلالها، بل كانت مريضة تعاني من الملوثات والانتكاسات البيئية التي نقطف الآن تداعيات إهمالها، وتجاهل واقعها، فالأمراض الكثيرة التي نسمع بها، وخاصة التنفسية، تكشف حقيقة التراجع البيئي الحاصل الذي أضافت الأزمة الكثير من مسبباته.
ومع اختفاء الأرقام، وغياب الإحصائيات عن التلوث، حاولنا لملمة بعض المعلومات البيئية من الجهات المعنية التي وجدناها تردد ما سمعناه منها قبل عشر سنوات دون أي جديد، وخاصة البيئية منها، وبعضها، وخاصة وزارة الصحة، أقفلت أبوابها أمامنا ولم تمنحنا أية معلومة بحجة أن ما نطلبه من إحصائيات عن الأمراض التنفسية وتطور فيروساتها وأخطر الحالات المنتشرة، يثير بلبلة تسيء إلى منظومة العمل الصحي، أما المجتمع الأهلي بجمعياته البيئية فوجدناه ينازع باحثاً عن الدعم المطلوب لتنفيذ خطته الإنقاذية للبيئة التي لم تخرج من دائرة الوقاية والتثقيف والتوعية غير الفاعلة على صعيد المجتمع، والتي نراها أشبه بلعبة (الطرة والنقش الوقائي).
ومن المفيد أن نعلم أن ازدياد الأمراض التنفسية هو النتيجة الطبيعية لارتفاع نسب الملوثات في الهواء، ولا شك أن تطور فيروس الكريب مثلاً الذي بات أكثر مقاومة للمناعة الطبيعية وللأدوية العلاجية بكل أشكالها، يقدم صورة واضحة عن طبيعة الهواء الذي نتنفسه بملوثاته الكثيرة.
بالمحصلة الاعتراف بالتلوث البيئي وتعدد أشكاله وأنواعه بات الحالة الأكثر واقعية على صعيد البيئة، ولكن ما قيمة الاعتراف مع استمرار تسلل الملوثات إلى أجساد أولادنا وبشكل يهدد صحتهم وحياتهم، وقبل أن نسأل الجهات المعنية علينا أن نسأل المواطن عن دوره ومسؤولياته لمواجهة حالات التلوث في ظل التعاطي السلبي مع حملات التوعية البيئية، وعدم التقيد بالتعليمات والإرشادات بشكل حوّل فاعلية النهج التوعوي الفعال الذي يخدم البيئة النظيفة إلى سراب، وجعل العمل البيئي بالنسبة له كمن يسمع جعجعة ولا يرى طحناً.
بشير فرزان