ثقافةصحيفة البعث

ما خفي أعظم!

حروب أهل الفن في البلاد، مؤجج جمرها هذه الأيام، كرسي نقابة الفنانين هي قبلة هذه الحروب، التي استعملت فيها مختلف صنوف الأسلحة الثقيلة، سواء بالتراشق بالاتهامات وظهور شائعات عجيبة غريبة حول ما يجري، هناك من خرج من الفنانين بكلام صادم عن واقع الحال؛ تهديد بالانسحاب من النقابة في حال نجح النقيب الحالي الفنان “زهير رمضان”، الذي أثار خلال وجوده كنقيب للفنانين منذ عام 2014، العديد من العواصف النقدية بما يتعلق بالحياة الفنية في البلاد –الدرامية منها بشكل خاص- إلى خروج أحدهم على منابر إعلامية متلفزة خارج الحدود، لتحقيق قصب السبق في تقديم البرنامج الانتخابي، مع إرفاقه بجملة من الوعود المستعجلة والثقيلة بتغيير حال هذه المؤسسة، التي عانت من الإهمال طويلا ودون أي سؤال أو صوت يعلو منتقدا أداءها، خلا من أصوات يائسة من التغيير في هذا الحال، كما حدث وأخبر الفنان “بسام كوسا” في واحد من اللقاءات الإذاعية التي أجراها، عن كون النقابة تحولت إلى “مزرعة” ولم تعد تعنيه، لكنها اليوم تغلي مراجلها ويُجمهر لها.
وكانت وسائل الاعلام ومختلف وسائل السوشيال ميديا، قد نقلت بعضا من جوانب تلك الحروب، التي لم تكشف فقط عن الطبيعة العدائية التي تسود عموما العلاقات الفنية، والتي بقيت مختفية لوقت طويل تحت الغطاء البراق الذي يغلب على حياة هذا العالم، حتى جاءت منصات التواصل الاجتماعي وكشفت مدى زيفها وهشاشتها، بل إنها ذهبت أبعد من ذلك في تعريتها لهذا الواقع، وذلك بما فضحته من تهديد بلقمة العيش والعمل، ومن الشللية والمحسوبية التي تسود هذا المجال، وغيرها من الأفعال التي يندى لها الجبين، والتي كان من شأنها أن خرج أحد الفنانين باكيا يشكو أنه لا يملك في جيبه “10”ليرات بعد أن تم إقعاده عن العمل!
أغلب الانتقادات اللاذعة كانت من نصيب النقيب الحالي، الذي لم يخرج لحدّ اللحظة بأي تصريح حول ما أُشيع عنه من قبل العديد من زملائه المرشحين لكرسي النقابة، وكان ما جاءت عليه الفنانة “تولاي هارون” صادما حيال ما أعلنته في مؤتمر صحفي لم يحضره أحد من الفنانين، فهم وحسبها يخافون أن تنقطع أرزاقهم كما حدث معها، بعد أن اتهمت “رمضان” بشطب اسمها من العديد من الأعمال الدرامية التي عرضت عليها، مؤكدة على وجود أدلة لما ذهبت إليه، ولتهدد بالانسحاب من نقابة الفنانين في حال فاز “رمضان”، الذي قام “بضبعها” -حسب قولها- وغيرها من الفنانين بكونه باق مهما حاولوا أن يفعلوا، وهذا ما يدفع بالكثير منهم للتصويت لصالحه، خشية أن تقف أعمالهم كما حدث مع غيرهم، حسب “هارون”.
الأمر لم يقف عند “هارون”، ففي تصريح آخر للفنان “محمد قنوع” المرشح بدوره أيضا لكرسي النقابة، أعلن أنه سيقوم بالانسحاب أيضا من النقابة في حال آلت الأمور لصالح النقيب الحالي!
حال أهل الفن عموما هو من حال فنهم، وإن كنّا شددنا غير مرة، على أهمية الدور الذي يجب أن تنهض به النقابة، والتي من المفترض أن تكون ملجأ أهل الفن وحصنهم، عند تعرضهم لأي ضيم، لكن الأيام كشفت واقعا مزريا لم تزل تداعياته قائمة حدّ اللحظة، فيما الحروب على كرسي النقابة مستعر أوارها هذه الأيام.
هذا وغيره الكثير مما طفا على السطح خلال التمهيد لانتخابات رئاسة نقابة الفنانين، وما بقي مخفيا هو الأعظم، فإن كان هذا حال “الكريم شانتيه” لجماعة الفن عموما، فما هو الحال في الطبقات التي لا يراها ولا يسمع بها أحد إلا من رحم ربي؟ أو ربما هي من عيوب “الكريم شانتيه” أنه يفسد سريعا؟
تمّام علي بركات