حملة الاعتقالات تطال 20 أميراً.. والهــــدف تمكيـــــن ابن سلمـــــان
شن النظام السعودي، خلال اليومين الماضيين، حملة اعتقالات، هي الثالثة من نوعها خلال الأعوام الأخيرة، وطالت هذه المرة أحمد بن عبد العزيز الشقيق الأصغر للملك السعودي، ومحمد بن نايف ولي العهد السابق، وسط تقارير متضاربة عن أسباب الاعتقالات تراوحت بين إحباط محاولة انقلاب ضد نظام بني سعود، وأخرى عن معارضة التغييرات التي يقوم بها ولي عهد النظام محمد بن سلمان، أو محاولات لتغيير ترتيب وراثة السلطة، فيما كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن ابن سلمان اعتقل 20 شخصاً على الأقل من العائلة الحاكمة، مشيراً إلى تحققه من 4 أسماء بين المعتقلين هم أحمد بن عبد العزيز، ونجله نايف، رئيس جهاز المخابرات والأمن للقوات البرية، بالإضافة إلى ولي العهد السابق وأخيه نواف، فالأمر يتجاوز مجرد الإزاحة من الطريق إلى إحباط انقلاب وشيك.
تختلف القراءات والتأويلات، لكنها تتفق على أن الصراع بات على أشده لخلافة سلمان الطاعن في السن. ثمة من يرى لبن نايف مؤيدين في الغرب، ولا سيما في واشنطن، حيث مريدوه من تيار أوباما الديمقراطي، وأن اعتقاله احتراز من تقلّبات سياسية. يرى آخرون أن اعتقال الأمير أحمد، العائد من لندن قبل عامين بضمانات أمريكية على الأرجح، قضى على آخر اسم يخشاه ابن سلمان على عرش أبيه.
لكن الخشية من خصوم في العائلة الحاكمة قد تظل تراود ابن سلمان الحالم بالعرش، الذي من أجله فعل الممكن وأكثر بكثير. إقحام المملكة في صراعات إقليمية، وإشعال حرب عدوانية على اليمن غير محسوبة العواقب، وهدر الأموال في صفقات تسليح مع الأمريكيين، حيث الإهانة لا تساوي شيئاً أمام التمكين للحكم تحت مظلة أمريكية.
صحيفة “وول ستريت جورنال”، والذي ذكرت أنه تم استدعاء وزير الداخلية عبد العزيز بن سعود بن نايف، ووالده سعود بن نايف لاستجوابهما، أكدت أن ابن سلمان نفّذ عملية قمع أمني واسعة باعتقال ضباط وموظفين مؤيّدين لأحمد بن عبد العزيز ومحمد بن نايف، مشيرة إلى أن تهمة الخيانة وجّهت إلى الأميرين، ما يعني أنهما يواجهان عقوبة السجن مدى الحياة أو الإعدام، معتبرة أن هذا التحرّك من شأنه تعزيز سلطة ابن سلمان وإزاحة منافسيه عن اعتلاء العرش.
صحيفة “واشنطن بوست”، بدورها، أكدت أن التُهم التي يواجهها المعتقلون تصل عقوبتها إلى الإعدام، فيما كشفت وكالة “رويترز” أن ملك النظام السعودي سلمان بن عبد العزيز وافق على احتجاز الأمراء الثلاثة، ووقّع أمر الاعتقالات بنفسه.
وأشارت مصادر “رويترز” إلى أن المعتقلين يواجهون اتهامات بالخيانة، وتهم الاتصال بقوى أجنبية، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية، لتنفيذ انقلاب، مضيفة: “إن بعض أفراد العائلة الحاكمة في السعودية سعوا إلى تغيير ترتيب وراثة العرش، وأن ابن سلمان أثار استياء كبيراً بين بعض الفروع البارزة للأسرة الحاكمة بسبب تشديد قبضته على السلطة، فيما تساءل البعض عن قدرته على قيادة البلاد عقب قتل الصحفي البارز جمال خاشقجي في القنصلية السعودية باسطنبول عام 2018 وتعرّض البنية التحتية النفطية لأكبر هجوم على الإطلاق العام الماضي”.
من جهته، أكد رئيس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، علي الدبيسي، أن الاعتقالات التي أعلن عنها في السعودية تأتي في إطار سياستي “التغييب” و”الاستحواذ” التي بدأها ابن سلمان.
ولفت مدير المعهد الخليجي في واشنطن، علي الأحمد، أن لمحمّد بن نايف أذرعاً في دول غربية وفي واشنطن، حيث يتلقّى الدعم من الديمقراطيين للعودة إلى سدة الحكم، وشدد على أن أي انقلاب في السعودية لا يمكن إلا أن يكون مدعوماً من الخارج، معتبراً أن قتل الحارس الشخصي لسلمان في الفترة الماضية مرتبط بموضوع الاعتقالات.
وسبق للنظام السعودي أن اعتقل 11 أميراً عام 2018، كما أصدر ابن سلمان في تشرين الثاني عام 2017 أوامر باعتقال عدد كبير من الأمراء السعوديين والوزراء السابقين ورجال الأعمال المشهورين بحجة مكافحة الفساد، إلا أن مصادر أخرى أكدت أن ما يجري داخل النظام السعودي هو انقلاب يقوده ابن سلمان بهدف تصفية خصومه من الأمراء ورجال الأعمال وسرقة أموالهم ونقلها إلى حساباته.