الأجهزة الذكية.. تستحوذ على حياة الأطفال وتؤثر في نموهم الذهني والفكري
قدم التطور التكنولوجي والرقمي نقلة نوعية في العالم الإنساني، وكان له تأثيره الكبير على حياتنا، وواستطاعت وسائل التواصل الاجتماعي أن تصل لجميع الفئات العمريّة، وباتت أجهزة الهواتف الذكية وألعاب الآيباد والبلاك بيري وغيرها من الألعاب الإلكترونية الأخرى في متناول الأطفال من عمر السنتين يستخدمونها ويتعلّقون بها، فكان لها الآثار المختلفة على نموه الجسدي والفكري حيث وفرت المعلومات في كل وقت، وعندما يريدون معلومةً ما أو إجابة على سؤال محدد يمكنهم أن يستخدموا هذه الأجهزة المتطورة ما جعلها رديفا للعملية التعليمية. ورغم ذلك فان العديد من الدراسات أكدت وجود آثار سلبية لاستخدام الأجهزة على التطور الذهني والفكري للأطفال، كما ذهبت الدراسات إلى أبعد من ذلك وحذرت من أمراض نفسية وعصبية مختلفة كالتوحد والعزلة وغير ذلك.
موجات ضوئية
يظهر الحد الفاصل للآثار السلبية والإيجابية لهذه الأجهزة بطريقة الاستخدام وجدية الوالدين في مراقبة أطفالهم وتوجيههم للحصول على الفائدة المرجوة منها؛ وهنا تحدثنا الدكتورة النفسية ناهد محفوض عن التأثيرات السلبية الخطيرة لهذه الأجهزة في حال استخدمت بطريقة خاطئة، بدءا من أجهزة التلفاز ومساوئ الجلوس أمامه لفترات طويلة، والتي تسبب لهم الكسل والتبول اللاإرادي لأن أدمغتهم تكون مندمجة تماما بما يشاهدونه نتيجة الإبهار البصري للصور والألوان، لذلك فهم يجلسون مسلوبين تماما من الشعور والانتباه بما حولهم، والبعض منهم يتجاهل تماما وجود من حوله وكأنه في عالم منفصل عن واقعه، ويتحول إلى متلق سلبي يصدق كل ما يعرض أمامه من أفلام ومسلسلات ما يفقده القدرة على الخيال، بعكس قراءة القصص التي تنشط خياله في بناء الصور والأشكال وتساعده على التجريد العقلي، بالإضافة إلى التأثير الكبير للموجات الموجات الضوئية المنبعثة من شاشة التلفاز، والتي تسبب مشاكل بصرية على المدى البعيد كجفاف العيون وقصر النظر.
الأجهزة الذكية
وقد بات جميع الأطفال قادرين على استخدام أي نوع من الأجهزة الذكية الحديثة، وتحولت هذه الظاهرة إلى مصدر فخر للأهالي الذين يعتقدون أن ذلك مؤشر على ذكاء الطفل، لكن الأطباء المختصين يرون عكس ذلك، حيث أكد دكتور الأعصاب محمد عبد الجليل أن هذه الأجهزة تسبب ضعف الذاكرة على المدى البعيد نتيجة اعتماد الأطفال عليها في تذكر الكثير من الأمور، فالطفل لم يعد بحاجة لتنشيط عقله في الحصول على المعلومة او حتى محاولة التفكير في الإجابة، ما يؤدي إلى كسل في استخدام الدماغ أو محاولة تدريب الذاكرة، والاستخدام الدائم ولفترات طويلة لتلك الأجهزة يؤدي إلى إجهاد الدماغ ويصبح الطفل انطوائيا ومنعزلا، وتبدأ عنده مشكلة صعوبة التأقلم مع الآخرين. ويؤكد عبد الجليل على مسؤولية الأهل اتجاه هذه الظاهرة فمعظمهم يجدون فيها راحة لهم من شغب أبناءهم أو حركتهم الزائدة ويستسهلون التعامل مع أطفالهم من خلال إشغالهم بتلك الأجهزة التي تسبب أمراضا عديدة أهمها الإصابة بالتوحد والعصبية والتعب والإرهاق والصداع بسبب الإشعاعات التي تصدر منها.
دراسات
بقاء الأطفال أمام هذه الأجهزة لفترات طويلة يسبب آلاما في العنق ومنطقة الكتفين نتيجة الانحناء المستمر للأمام كما يسبب الإصابة بالسمنة نتيجة الكسل والخمول وقلة الحركة، فالأطفال يجلسون بشكلٍ متواصل أمام هذه الأجهزة ويتناولون المأكولات غير الصحية، وهذا ما يسبب نموا أقل غير طبيعي للعظام التي تحتاج في تلك المرحلة للنشاط والحركة واللعب في الحدائق والمنتزهات والتعرض لأشعة الشمس للوقاية من هشاشة العظام وكسرها خلال حياتهم، وهناك دراسات أكدت أن الباحثين عندما قاموا بقياس الطول وكثافة العظام والنشاط الجسدي وكمية الكالسيوم التي تدخل إلى أجسام الأطفال المدمنين على الأجهزة الذكية أقل بكثير من الأطفال الذين يمارسون اهتمامات طبيعية، كما أشارت الدراسات إلى الصلة العميقة بين هذه الأجهزة والتبعات الصحية، لكن المشكلة الأكبر ترتبط بتزايد عدد الصغار الذين يجلسون ويتعرضون لإدمان تلك الأجهزة بمختلف أشكالها.
دور الأهل
لا يمكن الحد من ظاهرة إدمان الأطفال على الأجهزة الذكية إلا من خلال السعي الجاد للأسرة والأبوين لتنظيم عملية استخدام هذه الأجهزة. ومن المهم جدا – بحسب عبدالجليل – الانتباه إلى البرامج التي يستخدمها الأطفال وإبعادهم عن محتوى العنف ومشاهد القتال فيها، ولعل الأخطر من ذلك تلك الألعاب التي يأخذ فيها الطفل احدى الشخصيات القتالية ليبدأ معركته فيها، وهنا لابد للأهل بمراقبة أطفالهم وما يتابعونه من تلك البرامج والرسائل الموجهة فيها من قتل وغير ذلك، كما يجب على الأهل تنظيم وقت استخدام أطفالهم لهذه الأجهزة بما لا يزيد عن ساعتين في اليوم للأطفال الذين يتجاوز عمرهم ست سنوات، أما الأطفال الأقل من ذلك فيجب أن لا يكون استخدامهم أكثر من ساعة واحدة فقط في اليوم. ويشير عبدالجليل إلى أن تأثيرات تلك الأجهزة تطال حتى الأطفال ما دون السنتين من العمر، وذلك من خلال وضع الطفل أمام شاشة التلفزيون ومشاهدته لمحطات الأطفال المختلفة، حيث يتسبب ذلك بالتأخر في النطق والمشي وغير ذلك من المشكلات الصحية.
ميادة حسن