راتب الزوجة.. أهمية متصاعدة في بورصة الزواج وخلاف على أحقية الصرف!!
أصبحت الأخلاق والتربية اليوم في المراكز الأخيرة التي ينشدها الشاب خلال بحثه عن شريكة عمره، ليأتي راتب الفتاة والكم المادي الذي تستطيع إحرازه، مطلع كل شهر، المقياس الأول والشغل الشاغل لشبابنا هذه الأيام، مبررين ذلك بالظروف المعيشية الصعبة وعدم قدرة الرجل على تحمّل أعباء الحياة الزوجية وحده؛ فقد أصبحت نظرة البعض إلى الزواج نظرة مادية بحتة وباتت المرأة بالنسبة للكثير من الرجال الممول الرسمي للزواج، لنلحظ مؤخرا أن منازعات الأزواج على راتب الزوجة العاملة من أكثر الأسباب المطروحة للطلاق، لأن الزوجة ترى أحيانا أن زوجها يسلبها الحق في التصرف بهذا الراتب!!
احتكار
إقبال الرجال وحرصهم على الزواج من المرأة العاملة بات يشكل هاجسا ومطمعا، ليغدو سوق الزواج من الموظفات رائجا جدا، وترتفع أسهم المرأة الموظفة عاليا، ليتحول راتب الزوجة إلى نقمة عليها وأحد مصادر الشقاء في حياتها الأسرية. ولا مجال هنا من السؤال: لمن يكون راتب الزوجة؟ وهل من حق الزوج أن يحصل على جزء منه؟ الإجابة النظرية تقول إنه حق لها، لكن – في حقيقة الأمر – ما الذي يقوله الواقع؟
هنا تختلف آراء الرجال بين من يفكر في الحصول على راتب الزوجة للإنفاق على المنزل، وبين من لا يفكر في راتب زوجته بشكل مطلق. وأغلب الأزواج الذين حاورناهم رأى أن الحياة الزوجية تقوم على المشاركة وبالتالي يجب الترفع عن الأمور المادية التي يجب أن تقوم على التفاهم والتشاور، فالحياة الزوجية تفرض واجبات على الرجل وتبعات على المرأة، وإذا لم تلتزم الأسرة بما عليها من واجبات ستنهار. وتجنبا لهذه المشكلات لابد – برأيهم – من الاتفاق بين الزوجين، من البداية، ووضع النقاط على الحروف فيعرف مسبقا من المسؤول عن الإنفاق.. وإذا كانت هناك مشاركة مالية من الزوجة، فما حجم هذه المشاركة؟ وماذا سيحدث في حال ترك الزوجة لعملها؟ إلى غير ذلك من أمور حتى يسير مركب الحياة الزوجية بسلام، في حين ترى القلة من الرجال أنه لا يحق للزوجة الصرف على حاجاتها الكمالية الخاصة، ويجب أن يكون راتبها لبيتها وليس لها. وفي اعتقادهم فإن أية موظفة عندما تأخذ راتبها يجب أن تنظر إلى ضرورات بيتها وإلى احتياجاته.. وليس إلى رفاهيتها!!
للنساء رأي
في المقابل، نجد الكثير من الزوجات يعتبرن أن راتبهن ملكهن وأن من حقهن صرفه على أنفسهن، متذرعات بأنهن غير مطالبات بالمساهمة في مصروف البيت، وتبديد رواتبهن على المنزل والأولاد والتحول في النهاية إلى آلات عاملة طوال الوقت دون مقابل، فعلى عاتق الرجل تقع مهمة الصرف على الأسرة، والمرأة العاملة – برأيهن – مستقلة اقتصاديا عن زوجها في مجتمع شرقي يرفض أساسا قيام المرأة بإعالة زوجها، فراتب الزوجة لها ولشؤونها الخاصة، وهو أمان لها في المستقبل، وحق التصرف فيه هو لها وحدها، ولا أحد يستطيع إجبرها على الصرف إلا بإرادتها.. وبعض السيدات ينظرن إلى هذا الموضوع من زاوية أن الزوج هو الوحيد الذي يجب أن يتحمل مسؤوليات الحياة الزوجية كاملة، ولا يجوز أن يطمع في مال زوجته، وهو أمر يرفضه الأزواج وخاصة أصحاب الدخول المتدنية، ما يتسبب بإشعال نزاعات زوجية قد لا تنتهي، وتكون من أكثر منغصات الحياة الزوجية، وقد تقود في النهاية إلى الطلاق. وفي المقابل، نرى إن نسبة لا يستهان بها من النساء لا يتمتعن بحرية التصرف في رواتبهن، ولا يحق لهن حتى مجرد التفكير بكيفية صرفه أو شراء ما يرغبن به، وهنّ في حاجة شديدة له.
أصناف الرجال
نتيجة الظروف الاقتصادية وزيادة تكاليف المعيشة، كثيرات يدخلن سوق العمل لمشاركة الزوج في حمل أعباء الحياة الأسرية. وثمة كثيرات هن أكثر فاعلية من الرجل في تحمل هذه الأعباء، حيث تقوم المرأة بصرف راتبها كله على بيتها وأطفالها. وثمة رجال يحاسبون المرأة على كل ليرة من راتبها.
يقودنا هذا إلى السؤال عن نظرة الراغبين بالزواج، والتي صنفها لنا مضر سليمان، المختص في إدارة الموارد البشرية، ضمن عدة تصنيفات، فهناك من يرغب في الزواج من موظفة طمعا في راتبها، ويعتبرها مصدر دخل ثابت يرفع عن كاهله الكثير من الأعباء ويطالبها بالمشاركة في مصروف المنزل كله، وهناك من يستغل راتب الزوجة لتحقيق أحلامه الشخصية كشراء سيارة لا يستطيع أن يشتريها من راتبه، أما الصنف الثالث – وهو قليل – فيؤمن بضرورة مساهمة المرأة في المجتمع لتحقيق ذاتها وتكريس قدراتها في نفع الآخرين، لاسيما إذا كانت متخصصة في مجالات يحتاج إليها المجتمع”. وأضاف سليمان “إن الراتب أصبح قضية المجتمع، وأعتقد أن المرأة – كالرجل تماما – يجب أن تتحكم به، والمرأة يجب أن تساعد زوجها في مصاريف بيتها برضا منها ودون أن تجبر على ذلك.. المشكلة أننا قمنا بتضخيم الأمر، فالمرأة مثل الرجل تماما، ولا يجب أن يعتبر راتبها مشكلة، أو أن يكون هذا الراتب موضع تساؤل أو خلاف.. بل يجب أن نضع حدا لتساؤلات من قبيل أن راتب المرأة يجب أن يكون لها، وراتب الرجل يجب أن يكون له، وأن يتم الاتفاق على هذا بين الزوج والزوجة وبما لا يضر الحياة الزوجية. ويمكن أن تساعد الزوجة زوجها إذا كان راتبه ضعيفا أو غير كاف لسد احتياجات المنزل.
ميس بركات