كورونا يعري ملفات “ندمنا”!
سيكون لما كشف عنه وزير عملنا السابق، د. خلف العبد الله، ما يجعلنا نندم كثيرا على ما أضعنا في الزمن المريح، خاصة أن ما فات لم يمت، وإنما كان ولا يزال ينغص علينا نتيجة قصور رؤيتنا وسوء تدبيرنا وتخطيطنا، أو لمصالح وفساد فعلت فعلها فأجهضت الكثير من الثمين، ما جعلنا نحصد وسنحصد ثقيل المنعكسات على الاقتصاد والمجتمع!
وكما كشف وباء كورونا حقيقة النظام العالمي وعلاقاته ودوله، وفضح عورات حكوماته، كبيرها ووازنها، يبدو أن الوباء لن يترك شيئا، مهما كان صغيرا وخفيا، إلا وسيكشفه ويفضحه!
ولأننا من هذا العالم ودوله، لا شك ستنوبنا حصة “محرزة” من الكشف والفضح لما كان جرى على الصعيد المحلي الوطني!
البوادر الأولى لما نفض عنه غبار الارتكابات والشبهات، عندنا، لن تسر الخاطر أبدا، نظرا لكم “الأخطاء” المرتكبة والنتائج المؤسفة المحصودة، والتي ارتكبتها حكوماتنا المتوالية، حيث خزائنها تزخر بالعديد من ملفات المشاريع الغاية في الأهمية، مما كان مصيرها الوأد قبل أن ترى النور!
وأد يتوضح ويتأكد يوما بعد يوم (علاوة على أنه غير مفهوم ولا مبرر مطلقا، ويفتقد أية حجة مقنعة..)، أنه أضاع علينا فرصا لن تتكرر، وخملنا بالوقت ذاته أعباء وخسائر لن نتحرر منها، وإنما سنظل ندفع أثمانها، نتيجة لتعمد رفضنا وإخفائنا مشاريع قوانين غاية في الحساسية، لو نفذناها في أوانها لوفرنا العظيم من الجهد والمال والوقت!
ولعل خير مثال على ما نقول هو ما كشف عنه مؤخرا الوزير السابق، العبد الله، قائلا: “أذكر منذ سنوات طويلة، أعددنا مشروع قانون لتأمين البطالة، أسوة بدول العالم، وتكلفته ليست كبيرة، ولو صدر حينها، لاستفاد منه العمال حاليا، وخاصة خلال أزمة كورونا، ولتم دفع أجورهم من هذا الصندوق بكل سهولة، ولكن للأسف لم يصدر حينها، ويمكن العودة له الآن لعله يكون جزءا من الحل لهذه الفئة من العمال”!
هذا الكشف أو الاعتراف – لا شك- أتى إثر المنعكسات المؤلمة في قضية العمل والعمال التي أفرزتها الأزمة الوبائية، لناحية تخبط الحكومة في إيجاد الحلول والمعالجات الخاصة بالعمال الذين فقدوا وظائفهم، والمهنيين الذين توقفت أعمالهم، وغيرهم من المتعيشين، ما أدى لحرمانهم مصدر دخل يعينهم على تأمين مستلزمات معيشة عائلاتهم اليومية، في ظل غياب أية مظلة حماية قانونية أو مالية.. كالتي كشف عنها واعترف بضياعها معالي الوزير السابق!
ثمن هذا الاعتراف، المتأخر كثيرا، باهظ وعزيز جدا، ما فات منه وما يتوقع حاليا وقادما، ماليا واقتصاديا وتنمويا واجتماعيا!
اعتراف، وبتلك المرارة والندم والتأسف الواضح، لعله الأول من نوعه يصدر بكل تلك الصراحة والنقد، عن مسؤول سابق برتبة وزير، لكنه لا يجب أبدا أن يمر مرور الكرام!؟
وزير العمل، من المؤكد أنه ليس الوحيد الذي يمتلك ما يمتلك من مستور مشابه ونظير في المعلومات، بل ونجزم أن هناك العديدين، أمثاله، في جعبتهم الكثير من الوجع الذي أهدرناه.. من مشاريع بنيوية هامة لو شهدت النور، لكنا اليوم دولة قادرة إلى حد وازن في مواجهة مثل هذه الأحداث!
وكنا بدل أن نبحث ونتخبط فيما يجب رصده من موازنة، ومن أين وكيف ننفقها على من خسروا وسيخسرون عملهم ودخلهم، وأصبحوا عاطلين، لكنّا ننفق على الأولويات الأشد ضرورة في تأمين وتوفير متطلبات مواجهة مفاجآت الجائحة، على المديين العاجل والآجل!
لا نختم هنا، لكن نبدأ فنقول: ونحن نواجه جائحة عالمية قد تبقي ولا تذر، لا بد أن نأسف ونندم اليوم شديد الأسف والندم، على ما تم إجهاضه وقتله في مهده، عن عمد وسابق إصرار وتصميم.. كرمى لمصالح شخصية وحلقات فساد ومافيات إفساد!
قسيم دحدل