كورونا.. ليست سبب الازدحام!
إذا كانت وزارة التموين تؤكد في مناسبات عديدة إننا ننتج من الخبز أكثر من حاجة المواطنين فإننا نسألها فورا: لماذا هذا الازدحام المستمر والمتواصل على الأفران؟
ومن يعود لأرشيف صحفنا المحلية سيكتشف بسهولة أن القرن العشرين انتهى دون أن تتمكن وزارة التموين من حل مشكلة الازدحام على الأفران، وها هي أزمة الازدحام مستمرة على مدى عقدين من القرن الجديد دون أن تخرج وزارة التجارة الداخلية بأي حل، أو حتى تباشير حل!
قد يكون الازدحام ازداد بفعل الرعب الذي سببه فيروس كورونا، لكن لا يعني هذا أن المواطن ما قبل كورونا كان يحصل على ربطة الخبز قبل ساعة من الانتظار على شبابيك الأفران.
آخر ابتكارات وزارة التجارة كان منع بيع الخبز مباشرة للمواطنين وحصرها بالمعتمدين كإجراء وقائي لمنع الازدحام على الأفران، فهل هذا الحل مؤقت أم نهائي؟
لو عدنا إلى التجارب الماضية لاكتشفنا أن آلية بيع الخبز عبر المعتمدين “مجربة” منذ تسعينيات القرن الماضي وبخاصة في البلدات والقرى التي تفتقر لوجود الأفران، وكانت تجربة فاشلة بامتياز لأن المعتمدين كانوا يبيعون مخصصاتهم وكأنّها أعلاف لمربي المواشي!
كما أن تجربة توزيع الأكشاك في مناطق مختلفة لبيع الخبز لم تكن ناجحة، فالخبز في هذه الأكشاك كان رديئا جدا أو غير متوافر سوى لعدة ساعات، وسرعان ما تحولت الأكشاك إلى “أطلال” مع اشتداد الازدحام على الأفران!
لقد أصرت وزارة التموين سابقا والتجارة الداخلية حاليا على أن الإنتاج يزيد عن الحاجة الفعلية وأن سبب الازدحام على الأفران يعود إلى سوء التوزيع وتسرب جزء من الإنتاج كعلف للمواشي!
ولنتذكر أن إحداث المخابز الاحتياطية كان بهدف إنتاج رغيف جيد وتخفيف الازدحام عن الأفران، لكن سرعان ما عادت المشكلة من جديد بفعل تهريب مخصصات الأفران إلى القطاع الخاص!
كما أن تجربة إنتاج خبز محسن بنسبة 25 من الإنتاج الإجمالي في بداية تسعينيات القرن الماضي كان بمثابة اعتراف بتردي نوعية الرغيف وتبرير لبيعه كأعلاف!
ومرة أخرى أخفقت التجربة ولم يعد من وجود لما يُسمى بالرغيف المحسن!
والسؤال: لماذا أخفقت آلاف الاجتماعات على مدى عقود بإنتاج رغيف جيد وبمنع الازدحام على الأفران؟
إن الشكايات من عدم حصول الكثير من الأسر على حاجتها من الخبز مستمرة بعد منع البيع مباشرة من الافران، فالمعتمدون غير معنيين أصلا بتأمين الخبز لجميع المواطنين، فهذا الأمر ليس من مسؤوليتهم!
ويجري الحديث حاليا على بيع الخبز عبر البطاقة الذكية، وهذه آلية جيدة لأنها من جهة قد تمنع حصول الأسرة على أكثر من حاجتها ومن جهة أخرى تمنع الهدر وتهريب الدقيق أو بيع الخبز كأعلاف.. إلخ.
لكن المشكلة أن هناك شرائح كبيرة لا يمكنها الحصول على البطاقة الذكية مثل الطلاب والعازبين والعمال الموسميين المتواجدين خارج محافظاتهم، بل إن الكثير من الأسر الريفية لم تحصل أصلا على البطاقة الذكية.. فما الحل؟
قد تكون بعض الحلول المتاحة والفعالة سواء الآن أو بعد أزمة كورونا بيع ربطات الخبز في منافذ التدخل الإيجابي، وبإحداث أكشاك في مناطق سكنية لا توجد فيها أفران، أو هناك فرن يتيم لا يكفي حاجتها، وبقيام “السورية للتجارة” بتوصيل ربطات الخبز يوميا للعاملين في جهات القطاعين العام والخاص مباشرة بالتنسيق مع النقابات العمالية.. إلخ.
بالمختصر المفيد: لن يصدق المواطن أن آلاف الاجتماعات على مدى العقود الماضية عجزت عن تحسين نوعية الرغيف وإغلاق ملف الازدحام على الأفران حتى في زمن.. الكورونا!
علي عبود