الفلسطينيون يواجهون وباءين: كورونا والاحتلال
لم يكتف الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة حرب الاستيطان والتهويد، التي تستهدف مدينة القدس المحتلة، والاعتداء على المقدسات فيها، وهدم مئات منازل الفلسطينيين وحفر أنفاق تحتها، بل عرقل تحرك المقدسيين لمواجهة وباء كورونا، الذي وصل عدد الإصابات المعروفة به في المدينة إلى 81، وسط تحذيرات من زيادة عدد المصابين جراء ممارسات الاحتلال، الذي يتعمّد نشر الفيروس بين أبناء المدينة.
قوات الاحتلال اقتحمت المقر الطبي الفلسطيني، الذي أقامته لجنة الطوارئ في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى بهدف الحد من انتشار فيروس كورونا في القدس، كما منعت الطواقم الطبية الفلسطينية وطواقم الأونروا من العمل في المدينة لمكافحة الفيروس، فيما تواصل ممارساتها بحق المقدسيين، من تنكيل واعتقالات ومداهمات وقمع وعمليات عزل تعسفية وقيود على كل من يتحرّك في مبادرة للحفاظ على صحة وسلامة أبناء القدس بمواجهة انتشار كورونا، كما لم تسلم لجان الطوارئ المشكلة من أطباء ومؤسسات محلية في القدس لمكافحة كورونا من اعتداءات الاحتلال من خلال اعتقال العاملين فيها واغلاق تلك المقار الطبية.
عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، أكد أن الاحتلال يرتكب جريمة بحق الإنسانية بمنعه وعرقلته مكافحة وباء كورونا، ولا سيما في القدس، مبيناً أن المستوطنين المصابين بفيروس كورونا كثفوا اعتداءاتهم على المقدسيين بهدف نشر الفيروس وتهجيرهم والاستيلاء على أراضيهم وإقامة المزيد من الوحدات الاستيطانية عليها، لافتاً إلى أن 80 مؤسسة فلسطينية في القدس أطلقت مبادرة مشتركة لمكافحة الفيروس وحماية أهالي المدينة من الوباء ومنع انتشاره في صفوفهم، مشيراً إلى أن الاحتلال يستغل الوباء لتكثيف عمليات الاستيطان والتهويد في القدس ويخطط لإقامة 410 وحدات استيطانية في جبل المكبر.
من جهته، أوضح أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي أن 74 بالمئة من الإصابات في القدس والضفة سببها الاحتلال، الذي يتعمّد نشر الفيروس في صفوف الفلسطينيين عبر المستوطنين المصابين بكورونا، الذين يقتحمون بشكل يومي القرى والبلدات الفلسطينية ويعتدون على أبنائها، لافتاً إلى أن الأوضاع الصحية في القدس في غاية الخطورة في ظل مواجهة الشعب الفلسطيني لوباءين في الوقت نفسه هما كورونا والاحتلال العنصري، فيما أشار مدير مركز معلومات وادي حلوة في سلوان بالقدس المحتلة جواد صيام إلى أن سلطات الاحتلال اعتقلت العديد من طواقم التعقيم في سلوان والصوانة والبلدة القديمة واستولت على أدوات ومواد تعقيم وذلك خلال قيام هذه الفرق بتعقيم المرافق العامة والحيوية، كما اعتقلت عدداً من الفلسطينيين أثناء توزيعهم نشرات للتوعية بمخاطر كورونا وسبل مواجهته.
منسق الحملة الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان صلاح الخواجا، أشار إلى أن الاحتلال منع توزيع مساعدات ومواد تعقيم وحل اللجان الشعبية في القدس ومنع كذلك الفلسطينيين من الوصول إلى المراكز الطبية وهناك إمعان في ممارسة الإرهاب والعدوان، لافتاً إلى أن المخيمات الثلاثة للاجئين الفلسطينيين في القدس تعيش أوضاعاً مأساوية في ظل منع الاحتلال الأطقم الطبية من العمل وملاحقتها كما يمنع الفرق الطبية والاغاثية التابعة لوكالة الأونروا من العمل وهذا يعد جريمة بحق الإنسانية واستخفافا واستهتارا متعمدا بحياة الفلسطينيين.
بالتوازي، يحيي الفلسطينيون “يوم الأسير”، بفعاليات إلكترونية وحملات ضغط على المؤسسات الدولية ذات العلاقة بالملف الإنساني، يتطرقون خلالها إلى المأساة التي يعيشها الأسرى في سجون الاحتلال، جراء سياسات قمع وجرائم متعمدة ترتكب بحقهم.
الجدير ذكره، أن هذا اليوم يمر في هذا العام، وقد تضاعفت مأساة الأسرى، بعد أن قامت سلطات الاحتلال بسحب 140 صنفاً من تلك التي كانوا يحصلون عليها بأموالهم، ومنها الصابون والمعقمات والعديد من الأصناف الغذائية، والتي يحتاجها الأسرى في هذا الوقت بالذات، للوقاية من خطر تسرب فيروس “كورونا” إليهم، كما يخشى الأسرى أيضاً، من انتقال المرض إليهم عن طريق سجانيهم، بعد تفشي الفيروس في الكيان الصهيوني بشكل كبير.
إلى ذلك، أكدت مؤسسات الأسرى الفلسطينية أن قوات الاحتلال اعتقلت منذ بداية انتشار فيروس كورونا مطلع آذار الماضي 357 فلسطينياً، بينهم 48 طفلاً.
مؤسسات الأسرى “هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادى الأسير ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ومركز الدفاع عن الحريات”، أوضحت فى ورقة حقائق بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني أن قوات الاحتلال اعتقلت منذ مطلع العام الجاري أكثر من 1300 فلسطيني، بينهم 210 أطفال و31 امرأة، وبينت أن 5 الآف أسير ما زالوا يقبعون في معتقلات الاحتلال بينهم 41 امرأة و180 طفلاً و700 أسير مريض 300 منهم أمراضهم مزمنة وتحتاج علاجا مستمراً وعشر حالات مصابون بالسرطان، ودعت الى ضرورة ارسال لجنة طبية دولية للأشراف على الاوضاع الصحية للأسرى والأسيرات داخل معتقلات الاحتلال وحمايتهم من انتشار فيروس كورونا وتوفير كل متطلبات السلامة لهم، وطالبت المجتمع الدولي والامين العام للأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتهم القانونية والاخلاقية والتدخل العاجل للضغط على سلطات الاحتلال والزامها بإطلاق سراح الأسرى وفى مقدمتهم المرضى وكبار السن والأسيرات والأطفال.
من جهته، أكد مندوب فلسطين الدائم لدى الامم المتحدة رياض منصور أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تستغل انشغال المجتمع الدولي بمحاربة كورونا لتصعيد جرائمها بحق الفلسطينيين وتنفيذ مخططاتها الاستيطانية التهويدية، مطالباً باتخاذ تدابير ملموسة لإلزامها بتطبيق قرارات الشرعية الدولية وإنهاء الاحتلال.
وأشار منصور إلى أوضاع الأسرى الصعبة في معتقلات الاحتلال، حيث يعانون من الاهمال الطبي المتعمد، داعياً الأمم المتحدة إلى التدخل للإفراج عن الأسرى المعرضين بشكل خاص للوباء وخاصة المرضى وكبار السن تجنبا لوقوع مأساة انسانية حقيقية بحقهم.