زواياصحيفة البعث

المكاسب السياسية من (الكورونا)

د. مهدي دخل الله

 

خسرت الشعوب وخسر اقتصادها في مواجهة الكورونا، لكن على الرغم من هذه الخسارة هناك بعض “المكاسب” السياسية والاقتصادية:

  • الولايات المتحدة: ترامب كان وضعه في الحكم حساساً وصعباً في صراعه مع الحزب المنافس. مدّته الكورونا بفرصة لتحسين سمعته. أولاً رأى في الكورونا عدواً شاملاً للشعب الأمريكي بفئاته كافة. لذلك غالباً ما كان يرود ألفاظاً مثل: العدو والانتصار على العدو والصلاة للانتصار عليه وغير ذلك. وسيخرج ترامب من هذه “المعركة” ليعلن انتصاره على عدو الشعب الأمريكي، ما يعزز فرصه في النجاح في معركة الانتخابات الرئاسية..
  • بريطانيا: كان جونسون يواجه أزمة سياسية مستعصية في بريطانيا. وضعه في البرلمان كان ضعيفاً لأنه يرأس حكومة أقلية، ناهيك عن مسائل البريكست المعقدة وغيرها. لذلك كان خطابه مخيفاً هدفه تضخيم “العدو الكوروني” عندما قال: إن على الأسر البريطانية الاستعداد لخسارة أحبائها. الهدف هو أن يخرج منتصراً على هذا العدو الرهيب، فتضخيم العدو هدفه تضخيم الانتصار..
  • فرنسا: واجه ماكرون أزمات عدّة عبّرت عنها مظاهرات السترات الصفراء الغاضبة التي عطّلت الحياة في شوارع باريس الرئيسية إضافة إلى الاستياء الشعبي من التزام الرئيس الفرنسي الكبير “باحتياجات العولمة” وارتباطه الوثيق بالشركات متعددة الجنسيات. الكورونا أعطته سلاحاً ماضياً لمنع المظاهرات والتمهيد لانتصاره على العدو الذي يهدد صحة الشعب الفرنسي. الهدف هو تحسين صورته أمام الرأي العام في بلاده..
  • إيطاليا: أكبر مشاكل إيطاليا هو حشود المهاجرين الأفارقة القادمين من الشواطئ الليبية والتي كانت مضطرة لاستقبالهم لدوافع إنسانية. اليوم هدأ هذا “الغزو البشري” وارتاحت الحكومة من اهم مشاكلها الصعبة. وهذا الأثر نفسه ربحته اليونان أيضاً..
  • لبنان: كان رئيس الوزراء حسن دياب “سعيد الحظ” عندما حلت الكورونا ضيفاً ثقيلاً على لبنان. فالناس كانت في الشوارع منذ أشهر حيث تعطلّت الحياة العامة بكل مضامينها. لم تستطع الحكومة الجديدة وقف الاحتجاجات فساعدتها الكورونا على ذلك، وأعطتها فرصة لالتقاط الأنفس ووضع خطط قوية للإصلاح..
  • روسيا وكوبا: رأينا جميعاً مشهداً كان قبل الكورونا مستحيلاً. الأعلام الكوبية ترفع في إيطاليا مكان علم الاتحاد الأوروبي، والجنود الروس يساعدون الفرنسيين والايطاليين في مواجهة الكورونا. أشرت إلى ذلك في مقالي الأسبوع الماضي تحت عنوان “يوم أنجد المحاصَرون محاصريهم”. لقد فعلت الكورونا مالم يستطع فعله القانون الدولي العام ولا القانون الإنساني..
  • الصين: ربحت الصين أمرين: الأول سمعة سياسية طيبة حيث أظهرت قدرتها على تنظيم الحياة واحتواء الوباء (الجائحة)، والثاني قامت بشراء جزء من الرأسمال الأمريكي والأوروبي المستمر في الصين بعد انهيار سعر أسهم الشركات في البورصة. هذا يعني تحويل هذا الرأسمال من أجنبي إلى وطني..
  • السعودية: أطلقت الكورونا يديْ ولي العهد محمد بن سلمان لتصفية حساباته المعقدة داخل الأسرة الحاكمة، وخفت حدة الانتقادات التي كانت توجه إليه من أقاربه الأمراء قبل الجائحة..
  • إيران: لاشك في أن إيران ربحت، على الرغم من خسارتها، اهتماماً دولياً بأوضاعها بدليل أن الأصوات في أوروبا بدأت ترتفع مطالبة بتخفيف الحصار عليها لأسباب إنسانية. وهذا يشكل ضغطاً على الولايات المتحدة..
  • سورية: أرقام الإصابات عندنا متواضعة مقارنة بغيرنا. لا يوجد تفسير منطقي لهذا الأمر سوى أن سورية كانت معزولة نسبياً باتجاه الخارج مقارنة بلبنان والدول الأوروبية. هذا العزل الناتج عن مسألة الحصار والحرب جعل مجتمعنا أقل تعرّضاً للجائحة. وعلى الرغم من الخسائر الاقتصادية الكبيرة فلقد ظهر شعور عام لدى الناس بأهمية “الانضباط الجماعي” في مواجهة العدو المشترك (الكورونا). وهذا يعزّز الشعور العام في مواجهة العدو المشترك الأخطر (الإرهاب).

 

mahdidakhlala@gmail.com