الشهداء.. منارات إبداع
استلهم الفنانون التشكيليون من مآثر الشهادة مواضيع أعمالهم التي تنوعت بين النحت والخزف والتصوير وباقي الفنون البصرية والمعمارية، ومؤكد القول أن الساحة الإبداعية السورية من أغنى الساحات العربية التي اشتغلت ضمن هذا الإلهام السامي ومرده إلى العامل الثقافي والتربوي الذي يولي الشهادة أهمية كبيرة مثلما توليها المؤسسات الثقافية والرسمية الحكومية، والفضل يعود للميراث الثقافي والسياسي الذي يولي الشهادة أهميتها باعتبارها قيمة القيم وأنبلها، فلا تكاد تخلو مدينة أو ميدان عام في أي محافظة سورية من أثر معماري أو نصبي نحتي يمثل الشهادة ويمجدها، وتظهر هذه المعالم جلية في التجارب التشكيلية الوجدانية للفنانين التشكيليين الذين صوروا الشهيد وعبروا برمزية خاصة عن الشهادة، كما نظمت العديد من المعارض والمسابقات الفنية التي تحتفي بها، ومن الجدير ذكره أنه تقام في كل عام بهذه المناسبة معارض فنية تكريمية ترعاها جهات رسمية معروفة مثل إدارة التوجيه المعنوي في وزارتي الدفاع والداخلية وبعض مجالس المحافظات، كما كانت تقام الملتقيات النحتية لهذا الشأن، كذلك لا نغفل وجود أهم التماثيل الشخصية التي تجسد الأبطال الشهداء بدءا من تمثال الشهيد عدنان المالكي الذي نفذه النحات الراحل فتحي محمد قباوة في ساحة المالكي بدمشق وتمثال قائد موقعة ميسلون الشهيد يوسف العظمة الذي قدمته الجالية السورية في المغترب، وفي حلب ينتصب في ساحة سعد الله الجابري عمل مهم للفنان عبد الرحمن المؤقت كما في السويداء وطرطوس والقنيطرة وباقي المحافظات السورية، والأبهى ذلك العمل المعماري والمتحفي في جبل قاسيون الذي يمثل صرح الشهيد وواجهة مثاوي الشهداء في نجها الذي شارك في كتابة لوحاتها الخطاط حلمي حباب، مساحة كبيرة من الأعمال الفنية تتوزع على كافة بقاع الوطن لا يمكن أن تحصر، كما نجد في التصوير الزيتي أن الفنان التشكيلي السوري قد استلهم أيضا أروع اللوحات من هذه المعاني الخالدة ومثال ذلك في لوحات الراحلين لؤي كيالي ونذير نبعة وغازي الخالدي وفيصل عجمي وغيرهم، التي أسهمت في تقديم التحية لأرواح شهدائنا الأبرار الذي رووا تراب الوطن بدمائهم الزكية فكانوا منارات حق وكرامة وهبوا حياتهم لبلادهم فصارت هي البلاد الأجمل واللائقة بالحياة والدفاع عنها.
أكسم طلاع