أوروبا تخفّف الإغلاق جزئياً… ومعدل العدوى يرتفع في ألمانيا
بدأت عدة بلدان أوروبية، أمس الاثنين، مرحلة جديدة من تخفيف القيود المفروضة للحد من انتشار فيروس “كورونا”، على رأسها فرنسا وإسبانيا وألمانيا، برغم أن الأخيرة تشهد ارتفاعاً لافتاً في عدد الإصابات الجديدة، فيما قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس: إن رفع إجراءات العزل العام ببطء وتدريجياً أمر ضروري، مشيراً إلى أن القفزة في عدد الإصابات بفيروس كورونا في كوريا الجنوبية وألمانيا أثارت مخاوف عالمية من موجة عدوى ثانية.
ومع عودة النشاط التجاري إلى المحال التجارية ورفع القيود جزئياً عن المطاعم والنشاطات الرياضية في أجزاء كبيرة من ألمانيا، أشار معهد روبرت كوخ الألماني لمكافحة الأمراض المعدية، إلى أن معدل انتشار العدوى ارتفع، أمس الاثنين، إلى 1.13 بدلاً من 1.1 الأحد، و0.83 الجمعة الماضي، أي نسبة تزيد على 1 تعني أن عدد الإصابات الجديدة يرتفع بشكل كبير.
وجاء ارتفاع المعدّل هذا، تزامناً مع كشف وسائل إعلام محلية عن تفشي فيروس “كورونا” في شركة لتغليف اللحوم، بعد تسجيل حالات إصابة في شركات مماثلة في ولايات شمال الراين وستفاليا وشليزفيغ هولشتاين، وهو ما دفع السلطات إلى إجراء اختبارات في مواقع أخرى. وشمل التدقيق أماكن سكن العمال، فتبيّن أن المساكن لا تراعي أي معايير صحية، وذكرت وسائل إعلان محلية أن غالبية العمال في إحدى الشركات الموبوءة هم مهاجرون من أوروبا الشرقية، ويتم إيواؤهم في سكن مشترك مزدحم.
ودفع كل ما سبق المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى مناشدة المواطنين باتخاذ الحذر، وذلك عقب خروج تظاهرات ضد القيود المفروضة للحد من تفشي العدوى، وقالت ميركل: إنها اطلعت على تقارير تفيد بأن الكثير من المواطنين ذهبوا للتسوق مطلع هذا الأسبوع بدون ارتداء كمامات، معتبرة ذلك جُرأة في التصرف، مضيفة أنه لا يزال يتعين الالتزام بقواعد المسافة الاجتماعية السارية، وأكدت “نحن في مرحلة جديدة من انتشار الوباء (…) ومع كل إجراءات التخفيف، نحن بحاجة إلى التأكد بالتزام الناس بقواعد السلامة الأساسية. والمقصود هنا التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات ومراعاة بعضنا البعض. هذا مهم جداً”، وذكرت ميركل أنه في غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع سيتضح مدى تأثير تخفيف الإجراءات الذي تم إقراره الأسبوع الماضي على عدد الإصابات.
وأقرّت برلين بالتوازي، برنامجاً بقيمة 750 مليون يورو لإنتاج وتطوير لقاحات مضادة للفيروس. وسيتم تخصيص نحو 500 مليون يورو لتوسيع نطاق القدرات الدراسية لتجريب اللقاحات في ألمانيا، فيما سيتم تخصيص 250 مليون يورو في توسيع نطاق قدرات الإنتاج.
وفي إسبانيا، عادت المقاهي إلى العمل بشكل جزئي، مع انتقال نحو نصف سكان البلاد البالغ عددهم نحو 47 مليون نسمة إلى ما يطلق عليها “المرحلة الأولى” من خطة تخفيف القيود المكونة من أربع مراحل، وذلك بعدما قرّرت الحكومة أن المناطق التي يقيمون فيها حققت المعايير اللازمة. لكن القيود لم تتغير في مدن مثل مدريد وبرشلونة التي تضرّرت بشدة من تفشي الفيروس وظلت المقاهي مغلقة في ميدان بويرتا ديل سول في العاصمة الذي كان يعج عادة بالمارة. وبموجب تخفيف القيود، أصبح بإمكان عشرة أشخاص التجمع في مكان واحد وسمح للسكان بالتجول بحرية في أحيائهم.
وفي المناطق التي طبقت تخفيف القيود، وبخاصة في الأندلس وهي أكثر مناطق إسبانيا سكاناً، سمح باستئناف العمل في الحانات والمطاعم والمتاجر والمتاحف والصالات الرياضية والفنادق، ولكن بطاقة محدودة.
كذلك، بدأت فرنسا خطواتها نحو العودة للحياة الطبيعية بعد واحدة من أكثر عمليات الإغلاق صرامة في أوروبا، إذ سمحت بإعادة فتح المتاجر التي تبيع المنتجات غير الضرورية والمصانع وشركات أخرى للمرة الأولى في ثمانية أسابيع، في وقت تلوح فيه مخاطر موجة ثانية من الإصابات.
وتعيد فرنسا فتح المدارس على مراحل، ويمكن الآن لسكانها البالغ عددهم 67 مليوناً مغادرة منازلهم بدون تصاريح حكومية، على الرغم من أنه لا تزال هناك حاجة إلى وثائق للتنقل في أنحاء باريس في ساعة الذروة. وستظل المسارح والمطاعم والحانات والشواطئ مغلقة حتى حزيران على أقرب تقدير.
وتدفقت حركة المرور على طول شارع الشانزليزيه في وسط باريس، حيث قام العمال بتنظيف واجهات المحال قبل أن تفتح أبوابها للمرة الأولى في ثمانية أسابيع.
وكانت منطقة لا ديفونس التجارية في العاصمة مهجورة إلى حد كبير، حيث استمر العديد من العاملين في قطاع المال في العمل من المنزل. والتزم الركاب بارتداء الأقنعة في الحافلات ومترو الأنفاق في باريس.
ويمكن إعادة فتح المصانع بشرط الالتزام بتطبيق قواعد السلامة، وهو ما يعني أن بعض المصانع لن تعمل بكامل طاقتها. ويمكن للناس الخروج بدون تصريح حكومي، باستثناء التنقلات التي تزيد على 100 كيلومتر، والتي لا يُسمح بها إلا لأسباب مهنية أو لتشييع الجنازات أو رعاية المرضى.
أما في كوريا الجنوبية فتسبب زبون واحد في ملهى ليلي بنحو 85 إصابة جديدة، وحاولت الحكومة التصدي لموجة العدوى وعلقت إعادة فتح المدارس، التي كان مخططا لها خلال الأسبوع الجاري، كما أعادت فرض قيود على النوادي الليلية والحانات.
وفي بريطانيا، التي سجلت ثاني أكبر عدد من الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا في العالم بعد الولايات المتحدة، أعلن رئيس الوزراء بوريس جونسون تخفيفاً بسيطاً للحظر وغيّرت الحكومة شعارها من “البقاء في المنزل” إلى “البقاء في حالة تأهب”، إلا أن اسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية حافظت على شعار البقاء في المنازل.