العيد.. موجات حارة من الأسعار والناس “يجودون بالموجود”!!
يتميز عيد رمضان هذا العام عن غيره من السنوات بظروف وباء كورونا وبموجته الحارة للأسعار التي لم يعد لها حدود للتوقف عند حد معين فهي بارتفاع يومي مماسبب عجزاً حقيقياُ للمستهلك في اقتناء لوازم العيد كالألبسة والمأكولات المختلفة وخاصة الحلويات التي تعتبر أهم تقليد متبع في أعياد مجتمعنا، فالحلويات هي الضيافة الرئيسية خلال تهاني العيد لكن هذا العرف سيتأثر بالوضع الاقتصادي الذي لم يعد يسمح لنا الشعور بهذه الأيام الجميلة حيث يعجز معظم السوريين عن شراء مايحتاجونه من الحلويات وغيرها من لوازم العيد، وإذا أردنا أن نتساءل عن صناعته في المنازل فالفرق لايبدو كبيراً من حيث الإمكانيات فالمواد بدورها أكثر غلاء ابتداء من السكر والبيض والحليب وغيرها من المكونات التي يصعب بشكل فعلي الحصول عليها لتحضير حلو العيد.
فستق حلبي
عندما نتحدث عن غلاء بات شبه مجنون فهو بالضرورة أزمة كبيرة لدى المواطن البسيط فسعر كيلوالمبرومة نوع اكسترا وصل إلى 32 ألف ليرة سورية، أما أنواع التواصي فقد بلغت أسعارها مابين 20 وحتى25 ألف ليرة، والسبب في ذلك هو ارتفاع مكونات هذه الحلويات حيث يصل سعر كيلو الفستق الحلبي إلى 70 ألف ليرة سورية، وبالنسبة إلى باقي الأنواع فهناك أنواعاً شعبية بأسعار مقبولة وتشير بيانات جمعية صناعة الحلويات في دمشق أن إنتاج أنواع الحلويات النواشف يقدر بحوالي 150 طناً يومياً.
فرصة التجار
تحول شهر رمضان إلى فرصة مواتية للتجار لاستغلال حاجات الناس ومتطلباتهم فقد اعتدنا خلال سنوات ماضية أن موسم العيد هو مناسبة لرفع الأسعار حتى بات الجميع يعرفه لكن هذا العام لم يعد من الممكن تقبل هذا الارتفاع بالموازاة مع الظروف المعيشية العامة وبحسب الخبير الاقتصادي فادي عياش فان هذه الأسعار غير ملائمة حتى لمن هم خارج دائرة الدخل المحدود أي يصعب شراء الحلويات لبعض الشرائح التي تعتبر أكثر مردوداُ مادياُ من غيرها فالأسعار غير متوازية مع القوة الشرائية ولا تتناسب مع واقع المجتمع الاقتصادي حيث ترتبط عدة جوانب في حالة الفوضى للأسعار ولعل أهمها الارتفاع اليومي لسعر الصرف وعدم إمكانية استقراره نتيجة ظروف خارجية وداخلية أثرت بشكل كبير على أسعار السوق ناهيك عن عمليات التصدير التي تعتبر أكثر ربحا للتجار، ويؤكد عياش أن الغلاء في هذه المرحلة وخاصة مع انتشار جائحة كورونا وإيقاف العديد من المهن والأعمال نتيجة الحظر والحفاظ على سلامة المواطنين أدى بدوره إلى جزء من هذا الارتفاع في الأسعار حيث يلجا معظم التجار والصناعيين لتعويض خسائرهم خلال الفترة الماضية وهذا لايعني أن الغلاء مقبول على هذا النحو إلا أن اجتماع العديد من الظروف الاقتصادية ساهمت في عدم ضبط الأسواق والسيطرة عليها.
دور مغيب
في جلجلة الأسعار وارتفاعها مازالت تقدم وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كل إجراءاتها من ضبوطات واغلاقات ومخالفات وغيرها، رغم أنها إلى الآن لم تعط صداها على واقع السوق ويبدو أنها تقوم بحملات غير مجدية على صعيد تخفيض الأسعار بما في ذلك عمل السورية للتجارة والتي يخيل لنا أنها تعمل لصالح تجارها وليس لكسر الأسعار كما هو مطلوب منها، ويرى مصدر مسؤول في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن هناك فارق في الأسعار مابين السوق ومؤسساتها فهي تقدم منتجاتها بأسعار مدروسة ومخفضة، إلا أن الواقع لايشير إلى هذا الانخفاض الذي تتباهى به تلك الجهات التي فقدت مصداقيتها امام المواطن رغم تعديلاتها الأخيرة التي طالت جميع صالات السورية للتجارة وبكل الأحوال يبدو أن هناك حلقة مفقودة فيما يتم الإعلان عنه والمقارنة بالواقع لكن الأكيد هو أن المواطن هو الخاسر الوحيد في هذه المعادلة، وهنا لابد من تفعيل دور الحكومة في الكشف عما يدور في تلك الصالات من سمسرة وادعاءات لم تعد مقبولة في كل الأحوال.
“جود بالموجود!!”
لن يكون أمامنا فرصة الاعتذار لأطفالنا الذين حرموا من جميع مظاهر العيد كالملابس والألعاب والحلويات، لكن الأم السورية قادرة على إسعاد أبناءها فمعظم السيدات اللواتي التقينا بهن يرفضن أن يمضي العيد بدون فرحة أطفالهن ومن وجهة نظر إحداهن ” جود بالموجود ” أي الاعتماد على الحلويات بأقل تكلفة ممكنة بعد إسقاط معظم المكونات كالجوز والفستق والحليب والعجوة واعتماد البتفور المنزلي بدون إضافات مكلفة، وبكميات قليلة تكفي الأبناء هذه الإجراءات قد تخفف ثقل الأسعار والغلاء عليهن وتدخل فرحة العيد إلى منازلهن فالأم السورية لن تعجز عن ذلك مهما اشتدت الشدائد، وهنا سنترك البقلاوة والقطايف وغيرها لصانعيها ولأصحاب الكروش التي لن تشبع من سرقة لقمة المواطن.
ميادة حسن