هل خرج مسلسل “ببساطة 2” عن محاكاة بقعة ضوء..؟
يمثل الفن عموماً حالة المجتمع.. تطوراً أو نكوصاً، وهو الشاهد الحقيقي على متغيراته، ولو عدنا للمتابعين الدراما هذا العام لوجدنا أغلب المشاهدين قد أصيبوا بخيبة تختلف بالمستوى وتتفق بالمعطى العام -اليوم ومع نهاية الموسم الرمضاني الدرامي لهذه السنة، والتي تمر على العالم عامة والسوريين خاصة بثقل متزايد، فالسوري الذي أرهقته الحرب التي تدور في وطنه، جاء وباء كورونا الذي اجتاح العالم ليرخي بظلاله على تفاصيلنا اليومية فيتوخى المواطن بعض السكينة المرتجاة في رمضان لما يقدّمه من أجواء درامية يتابعها الناس بشغف. وقد حضرت الكوميديا على شاشة المتابعة والإنتاج الدرامي لهذا العام من خلال عدة أعمال، لكنها لم تكن بمستوى طموح المشاهد السوري الذي يتوقع الأفضل، وهو الذي عاصر الدراما السورية كنهضة وبصمة مختلفة وحاضرة حتى في أحلك أوقات الحرب وهي تلامس همومه وتحكي أوجاعه وتقلبات الوقت الصعب وتحاكي صموده أيضاً- بعض العناوين حملت شكلاً من الكوميديا مثل “حركات بنات”، “هواجس عابرة”، “أحلى الأيام”، وسواها، لكن مسلسل “ببساطة 2” تفرد بحضوره الكوميدي الصرف -ليقدّم لوحات اجتماعية ناقدة ساخرة يلامس فيها أوجاعاً سياسية اجتماعية من مفارقات الحياة التي يعيشها المواطن السوري بين احتياجاته اليومية والمفاهيم الكبرى المتبدلة بحياته. لكن العمل ورغم سمته الناقدة إلا أنه يحمل تحدياً كبيراً في قدرته على الخروج من أسر الصورة الذهنية الراسخة في ذهن المشاهد لمسلسل “بقعة ضوء” حيث التقاطعات الكثيرة بين العملين ولا يمكن التجاهل بأن “بقعة ضوء” شكل نقطة انعطاف في تاريخ الكوميديا السورية والعربية لتضمّنه معايير جديدة في العمل، فهو تخفف من سلطة الكاتب الواحد باعتماد لوحات متنوعة لكتاب مختلفين، ما أعطاه تجدداً وتنوعاً، بقعة ضوء الذي شهد في السنوات الأخيرة تراجعاً بعدد المتابعين حسب الآراء النقدية التي أشارت أنه استهلك ولم يعد قادراً على تقديم الومضة الإبداعية ليخرج لنا مسلسل “ببساطة” كمشروع بديل يحمل بصمة الفنان باسم ياخور ذي الشعبية الواسعة في الكوميديا والدراما السورية، حيث شارك في كتابة اللوحات -نور شيشكلي وباسم ياخور مازن طه ورنا الحريري ومعن السقباني وعثمان جحا، وقام بإخراجه تامر إسحق لهذا الموسم وضم عدداً من الوجوه الشابة إلى جانب ممثلين معروفين وإنتاج شركة جديدة تحمل اسم “روي للإنتاج الفني”.-متناولاً ما يعيشه المواطن من ظروف استثنائية، كتبعات حرب ظلامية فرضت عليه والعمل كوميدي ناقد، يعتمد على لوحات درامية منفصلة، تقدم كل لوحة نقداً لموضوع من الحياة اليومية عبر تناول بعض الأحداث بطريقة ساخرة وساخنة تنوعت بين معاناتنا اليومية مع التقنين الكهربائي وغلاء الأسعار الفاحش والعديد من القضايا الاجتماعية والتقنية والاضطرابات الاجتماعية التي فرضتها الحياة العصرية بكل تناقضاتها وتناول قضايا تخص الفساد، وقد انقسم المشاهدون حوله بين مؤيد وناقد.. فالبعض يرى أن المسلسل لم يحقق نسبة متابعة حقيقية وهو يعتاش على بقعة ضوء بشكل رئيسي، عبر تناول بعض الأحداث اليومية بطريقة ساخرة ولكنها لم تقدم إضافة فعلية مغايرة لبقعة ضوء- والبعض الآخر اعتبر أنه كمسلسل كوميدي جيد ومختلف يعتمد على لوحات درامية منفصلة، تقدم نقداً حقيقياً لتفاصيل الحياة اليومية ويشكل رافعة لوعي المجتمع، فهو وحسب البعض ليس بسطحية بعض المسلسلات التي حملت توقيع الموسم الحالي، ليبقى السؤال المعلق حول إمكانية متابعة الجمهور لأعمال درامية وكوميدية كان ينتظرها بشغف كمتنفس حقيقي لأزماته المعاشة فجاء الموسم كصدمة لم تكن بمستوى طموحه، في حالة شعور عام سائد بأن الدراما السورية فعلاً في حالة انكفاء عما عهده الناس فيها من تصاعد وتألق، وهل يمكننا تقييم نجاح أي عمل عبر المتابعة ضمن مزاج عام لا يدفع المشاهد نحو شاشة التلفزيون لمشاهدة مسلسل ما وإن كان كوميدياً.
سمر محفوض