تبليط مجرى بردى قتل التنقية الذاتية لسرير النهر
دمشق – فداء شاهين
أدرك الباحثون مؤخراً أن عملية تبليط مجرى نهر بردى كانت خطأً كبيراً أدى إلى مقتل المجرى الحيوي للنهر، ومنع عملية التنقية الطبيعية للمياه الملوثة ولو بنسبة قليلة.
وأوضحت الدكتورة غادة بلال من المعهد العالي للتخطيط الإقليمي في جامعة دمشق لـ “البعث” أن الوضع البيئي لنهر بردى غير جيد، وهناك العديد من المشكلات البيئية نتيجة تلوث مياه النهر والإشكاليات والتحديات التي فرضتها الحرب الإرهابية على البلاد، فكان التوجّه إلى موضوع إعادة إحياء مياه نهر بردى الذي تحوّل من شريان حياة يخترق مدينة دمشق إلى مجرى للصرف الصحي المكشوف!
وبيّنت بلال أنه تمّ إعداد مشروع وطني لإحياء نهر بردى والبدء من المنبع وحتى المصب النهائي كخطة متكاملة، علماً أن محافظة ريف دمشق انطلقت للعناية بالنهر حتى حدود مدينة دمشق، وتمّ إنشاء محطات معالجة للقرى التي هي على ضفاف النهر، والآن يتمّ توسيع حرم النهر بإحداث مخططات تنظيمية. كما قمنا بمحاولات عدة، أهمها تبليط الأكتاف والأرضية في شارع شكري القوتلي فرع تورا، المالكي، والروضة، ويزيد، وساهمت الأكتاف في تحديد مجرى النهر ومنعت التسربات، وبهدف تنظيف الأرضية في أوقات الجفاف وإزالة النفايات بوجود فتحات تصبّ فيها قنوات الصرف الصحي التي تأتي على الأرضية المبلطة وتنبعث منها الروائح الكريهة، علماً أنه يوجد شبكة مشوّهة بفعل الحرب واستخدام الإرهابيين لقنوات الصرف الصحي وتفجيرها، إضافة إلى أن محطة عدرا متوقفة عن العمل ولا يوجد معالجة للصرف الصحي في مدينة دمشق.
وأشارت بلال إلى أن الربوة أصبحت بؤرة تصبّ فيها ملوثات من مخلفات ضاحية قدسيا ومشروع دمر والهامة، إضافة إلى أن غزارة الصرف الصحي القادمة من جبل الرز ومن المطاعم المنتشرة على طرفي الربوة تفوق قدرة النهر على التنقية الذاتية، في وقت تمّ وضع شباك ومصدات وإقامة قناتين للصرف الصحي بأقنية مغلقة في حديقة تشرين حتى لا يتسرب الصرف الصحي إلى مجرى النهر، أما مشكلة فرع يزيد فهي كارثة بيئية على المجتمع الذي يعيش بالقرب منه، وهو من الفروع ضعيفة الغزارة، كما أن بحيرة العتيبة أصبحت بؤرة من بؤر التلوث، حيث يقوم الفلاحون باستجرار المياه منها للري وهي غير سليمة في وقت يستغنى الفلاحون عن آبارهم!!.
ولفتت بلال إلى أن الكلفة التقديرية لإعادة مشروع إحياء نهر بردى نحو 10 مليارات ليرة، ومن بعض المقترحات لمعالجة التلوث إعادة بناء شبكة صرف صحي كاملة مع محطة معالجة جديدة، وهي ضمن خطة الحكومة وتحتاج لسنوات عدة وكلفتها كبيرة، أو وضع حلول بيئية سريعة واقتصادية ويمكن إقامة محطات معالجة من خلال زراعة القصبيات في كل حيّ من أحياء دمشق، أو إعادة شكله الحيوي، أو معالجته بشكل مستدام بإعادته إلى شكله الحيوي وردم الأكتاف من الحصويات والصخور وزراعة القصبيات التي تعيش على الملوثات ويعيش النهر في حالة حيوية.
أما وزارة الإدارة المحلية والبيئة فلم تؤيد أو توافق على بناء المجرى المائي وتبليطه بالحجارة، سواء لبردى أو لأي نهر آخر، حتى لا يتمّ تقييد المجرى بمقطع بيتوني يشوّه شكل المجرى الحيوي للنهر.