جريمته الحقيقية أنه ملوّن !
ترجمة: سمر سامي السمارة
عن كومن دريمز 30/5/2020
بعد صدمة مقتل جورج فلويد على يد ضابط شرطة في شوارع سانت بول، قال عمدة مينيابوليس جاكوب فراي: “أن تكون ملوّناً في الولايات المتحدة لا يعني الحكم عليك بالإعدام”، وذلك بعد أن قامت مجموعة من المارة بتصوير فلويد البالغ من العمر 46 عاماً وقد تم تكبيل يديه من قبل شرطي أبيض جثا بركبته على عنقه واستمر في الضغط لمدة ثماني دقائق، وبالرغم من النداءات اليائسة، وتوسل فلويد للضابط بأنه لا يستطيع التنفس، واحتجاجات المارة للسماح له بالذهاب، فقد خنقه ضابط الشرطة حتى الموت.
يذكر أنه تم إطلاق النار على أربعة ضباط في أعقاب الاحتجاجات على مقتل فلويد، وشهدت مينيابوليس ومدن أخرى احتجاجات متواصلة منذ الحادث الذي وقع في 25 أيار، إذ يُظهر مقطع الفيديو الذي التقط أن الضحية لم يقاوم أثناء الاعتقال، كما ادعت قوة الشرطة في وقت سابق عندما تم القبض عليه أثناء البحث عن مشتبه به في عملية تزوير.
من الواضح أن “جريمة” جورج فلويد الذي قُتل على يد شرطي أبيض في شارع المدينة في وضح النهار، لم تكن سوى لونه، حيث تُظهر دراسات البيانات الرسمية أن الذكور الملوّنين الأمريكيين أكثر عرضة للقتل في مواجهتهم مع ضباط الشرطة مقارنة بنظرائهم البيض.
تذكرنا قضية جورج فلويد بقضية ايريك غارنر المشؤومة الذي خنقه ضابط شرطة في مدينة نيويورك في عام2014 حتى الموت، في ذلك الوقت تم القبض عليه للاشتباه في بيع سجائر مهربة في الشارع، وكان غارنر يطلب الرحمة أيضاً وهو في قبضة خانقة، إذ إنه لا يستطيع التنفس، ولكن لا حياة لمن تنادي!.
ومع ذلك، يُذكر أن معظم حالات القتل على أيدي قوات الشرطة كانت ناجمة عن إطلاق النار بذريعة “شعور الشرطي بتهديد الضحية لحياته”، وكان “فيلاندو كاستيل” قد قُتل بإطلاق النار عليه في تموز عام 2016 لأن شرطي المرور زعم أن كاستيل كان يحرك يده بشكل مثير للريبة، واللافت أن الغالبية العظمى من رجال الشرطة المتهمين بهذا النوع من عمليات القتل العنصري لا تتم مقاضاتهم أبداً، كما قتل المراهق مايكل براون بالرصاص في فيرجسون، ميسوري في عام 2014 على الرغم من أن الشهود قالوا إنه رفع يديه عندما واجهه ضابط الشرطة، ومع ذلك لم يُوجّه اتهام للشرطي حتى بعد أن قبلت هيئة المحلفين الكبرى ادعاءه بأنه مهدد، وفي عام 2014 قتل اثنان من رجال الشرطة في كليفلاند “تامير رايس” ، البالغ من العمر 12 عاماً للاشتباه بحيازته سلاحاً نارياً أثناء لعبه في حديقة للأطفال، وتبيّن أن الصبي كان يلعب بمسدس لعبة، ومع ذلك لم توجّه أية تهم ضد الشرطيين، يمتد هذا النوع من الإفلات المؤسسي من العقاب لضباط الشرطة الذين يُسمح لهم بالفرار من جرائم القتل ليشمل المجتمع الأوسع، إذاً الحقيقة المروعة هي أن قتل الأمريكيين من أصل أفريقي في الولايات المتحدة مستمر حتى يومنا هذا، كما كان الحال خلال فترة الفصل العنصري في الولايات الجنوبية، وقوانين جيم كرو العنصرية التي لاتزال في الذاكرة الحية، على الرغم من قوانين المساواة في الحقوق العرقية والحماية القانونية الظاهرية، لكن واقع الحال يثبت أن الملوّنين في المجتمع الأمريكي هم الأكثر فقراً، والأكثر عجزاً وبطالة، وعرضة للتمييز والحرمان، وقد أظهرت جائحة الفيروس التاجي التي تضرب الولايات المتحدة أن الأمريكيين الأفارقة هم الأكثر عرضة للوفاة بسبب ظروف معيشتهم القاسية، وبالتالي فإن إطلاق النار المتعمّد على الملوّنين وخنقهم حتى الموت من قبل رجال الشرطة أو الحراس، وإفلات هؤلاء من العقاب، ليس إلا جزءاً لا يتجزأ من العنصرية الممنهجة التي تسود الولايات المتحدة، وذلك بسبب نظام الطبقة الرأسمالية الأمريكية الذي يهمّش الملوّنين والأقليات الأخرى، ويضعهم في مستوى أدنى من البيض، وفي المقابل فإن لدى السياسيين ووسائل الإعلام الأمريكية الجرأة لإلقاء محاضرات، ومعاقبة الصين وروسيا وكوبا وإيران ودول أخرى حول حقوق الإنسان.