ثقافة

جوقة الفرح تدهش الفرنسيين وتمثل الموسيقا السورية بألوانها

“لم تكن رحلة موسيقا كانت رحلة حياة” هكذا وصفت قائدة جوقة الفرح السيدة كلوديا توما رحلة جوقة الفرح إلى فرنسا بدعوة من مؤسسة (sos) لمسيحيي الشرق الأوسط، ليصدح صوت الحبّ والإيمان بالنصر من قلب الموت والدمار، وليتزامن صوت الأطفال الذين رفعوا صوت السلام والكرامة والحياة مع تحرير تدمر.
أطفال رأوا أصدقاءَهم يستشهدون أمام أعينهم، فأصروا على مواجهة الإرهاب مثل أيّ جندي يحمل البندقية ويدافع عن الوطن، دافعوا بالكلمة واللحن وكُرّموا في دار الأونسكو في باريس إثر أمسيتهم في باريس وفي تسع مدن فرنسية، حضرتها الجاليات السورية والعربية والأجانب من عدة دول.
في الأمسية التي قدمها أطفال الجوقة بعد عودتهم من فرنسا على مسرح الأوبرا تألقت الأغنيات الوطنية التي كان لها وقع خاص وتأثير كبير لدى الحضور لاسيما أغنية “زينوا المرجة” التي غناها الأطفال، وكان بين الحضور الفنان الكبير دريد لحام الذي يمثل جزءاً من تاريخنا ونضالنا، وبدا عليه التأثر الشديد بحبّ الوطن الذي زرعه في قلوب الصغار والكبار.
وكما قال الأب زحلاوي: “إنني أعبدكم يا أولادي الصغار” نفتخر بأطفال جوقة الفرح الذين يتقنون فنون الغناء بلغات عدة ويقدمون التراث الديني والوطني والشعبي، وهم أنموذج لأطفال سورية.
الأمر اللافت كان تفاعل كلوديا توما مع الأطفال وتأثيرها عليهم بالأداء الغنائي وفق تقنية تعدد الأصوات والانتقالات المفاجئة بين الطبقات.كما تميّزت الأمسية بالتوازن الموسيقي بين الإيقاعيات الغربية والشرقية ” الدرامز والتيمباني والدف “والوتريات “الكمنجات والتشيللو” بمرافقة آلات النفخ الخشبية والترومبيت والآلات الشرقية التقليدية، ليشكّل صولو البيانو والقانون في بعض المواضع علامات فارقة.
ومما زاد من جمالية الأمسية المؤثرات الفنية للإضاءة التي عكست تناغم ألوان قوس قزح مع التلون الموسيقي السوري الذي يمثل كل الأطياف.

التوازن بين الدرامز والوتريات
بدأت الأمسية بوصلة غناء ديني بدأت بـ “أعطني السلام” ذات الرتم الهادئ مع الوتريات بمرافقة الضربات الخفيفة من الدرامز للموسيقي سيمون مريش، ثم طوبى للساعين إلى السلام من التراث الكنسي، ثم تميّزت الأمسية بغناء طلع البدر علينا من التراث الإسلامي بتوزيع جديد لتتألق بصولو القانون وإيقاعات الدف،كما قدمت تراتيل بيزنطية وسريانية. والملفت غناء مقطع باللغة السريانية ومقطع باللغة العربية إضافة إلى أغنيات فرنسية، لتتغير أجواء الأمسية وتميل نحو الإيقاعات الفرحة مع أغنية ميلي يا جنات بلادي لزكي ناصيف. ومفاجأة الأمسية كانت الشابة الصغيرة ميري عسكر التي غنت أنا خوفي ع ولادي من ظلم الأيام على أرضي على بلادي لجوليا بطرس، لتتابع الجوقة بتقديم عدة أغنيات وطنية، ليكون التفاعل الأكبر والأجمل مع التراث السوري الشعبي والوطني مثل يامال الشام ويا طيرة طيري يا حمامة ..إلى أغنيات التراث الوطني لحسام تحسين بيك وفهد بلان، وقد أبدع الأطفال مع قائدة الفرقة بالتنقل بين الطبقات الصوتية وتقنية تعدد الأصوات، وكانت أغلب الأغنيات من توزيع ناريك عباجيان.

كنوز لا تثمن
النجاح الذي حققته الأمسية جعل الأب زحلاوي يرتجل كلمة مطوّلة على المسرح تحدث فيها عن أداء الأطفال اللافت الكنوز التي لاتثمن بثمن، كنوز تختزل كل ما في التاريخ من أصالة وعراقة، هؤلاء الأطفال الذين يحتاجون إلى من يحبهم ويثق بقدراتهم ويعتمد عليهم وهذا ما قدمه لهم، كانوا موضع تساؤل الجاليات الأجنبية،  أيعقل أن يكون هؤلاء الأطفال عاشوا أجواء الحرب طيلة خمس سنوات واستشهد من زملائهم في الجوقة خمسة أطفال أن يقدموا هذا الأداء، وأن يكون لهم هذا الحضور؟ ليجيبهم الأب زحلاوي بقوله: هذه سورية التي تريدون تدميرها لكنكم لن تستطيعوا إزاء وقفة سورية الجبارة في وجه مئة وأربعين دولة، مؤكداً أن تضحية سورية ستعيد إلى العالم توازنه باستعادة العقل والقانون والسيادة لكل دولة، مشيداً بأطفال الجوقة الذين مثلوا سورية، وكانت أمسياتهم إضاءة للفرنسيين وللعالم في وجه الإعلام المضلل.
ملده شويكاني