مفاوضات “ما بعد بريكست” تغرق في الفراغ
تدور المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا حول الاتفاق على مرحلة ما بعد بريكست والعلاقة التجارية المستقبلية في فراغ، فيما توحي التصريحات من الجانبين بالتفاؤل من دون تحقيق تقدم يذكر.
واتفق قادة الاتحاد الأوروبي ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أمس الاثنين على إعطاء “زخم جديد” للمفاوضات في شأن مرحلة ما بعد بريكست، المتعثرة حالياً، قبل ستة أشهر من الموعد النهائي للتوصل إلى اتفاق وتفادياً لغياب الاتفاق الذي سيكون كارثياً على الأرجح.
واعتبر جونسون أنه يمكن التوصل في تموز إلى اتفاق مع الاتحاد، مؤكدا أن مواقف لندن وبروكسل “ليست متباعدة إلى هذا الحد”، حسب تعبيره.
وأقرّ الطرفان في بيان مشترك عقب قمة عبر الفيديو استمرت ساعة بأن “زخما جديدا ضروري” للتوصل إلى اتفاق بحلول أواخر العام 2020 بشأن العلاقة المستقبلية بين لندن والاتحاد.
ودعوا في البيان إلى “التوصل سريعا إلى أرضية مشتركة حول المبادئ التي يرتكز عليها كل اتفاق”، في وقت لا تزال الهوة هائلة بين مواقفهما.
وقال جونسون للتلفزيون بعد الاجتماع مع القادة الأوروبيين “ما قلناه إنه كلما تم الأمر في شكل أسرع كان ذلك أفضل، ليس ثمة سبب لعدم التوصل إلى اتفاق”.
وكتب رئيس المجلس الأوروبي الذي يمثل الدول الأعضاء الـ27 شارل ميشال في تغريدة على حسابه بتويتر أنه “مستعدّ لتنشيط العمل لكن الشروط العادلة للمنافسة ضرورية”.
وحضر الاجتماع بالإضافة إلى جونسون وميشال ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي وكبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه من الجانب الأوروبي وكذلك نظيره البريطاني ديفيد فروست ووزير الدولة البريطاني مايكل غوف والسفير المملكة المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي تيم بارو.
وهذه المرة الأولى منذ خروج المملكة المتحدة من الاتحاد في 31 كانون الثاني التي يشارك فيها جونسون شخصيا في المفاوضات.
ويسهل بعد أربع جولات من المحادثات منذ آذار، تلخيص الوضع الحالي بالتالي: الأوروبيون والبريطانيون متمسكون بمواقف لا يمكن التوفيق بينها، ما يمنع تحقيق أي تقدم. ولخّص مسؤول أوروبي كبير ذلك قبل الاجتماع بالقول “لم نصل إلى أي مكان”.
أما بالنسبة للتمديد المحتمل لعام أو حتى عامين للمرحلة الانتقالية التي تنتهي في 31 كانون الأول 2020، فقد أغلقت المملكة المتحدة هذا الملف الجمعة بإبلاغها “رسميا” الاتحاد الأوروبي رفضها التمديد، كما أكدت مرارا خلال الأشهر الماضية.
وتأتي هذه القمة الافتراضية بعد توافق الطرفين على تكثيف وتيرة المحادثات التي ستُعقد طوال الصيف، فجدولهما الزمني لشهر تموز ممتلئ مع لقاءات كل أسبوع، تارة في بروكسل وطورا في لندن، غالبيتها محصورة بعدد قليل من الأشخاص لفتح المجال أمام المضي قدما في الملفات الأكثر خلافية.
ومن بين تلك الملفات، ضمانات المنافسة العادلة في المجال الضريبي والاجتماعي والبيئي، التي يطلبها الاتحاد الأوروبي على خلفية الخشية من صعود اقتصاد غير خاضع لقيود على أبوابه. كما تتعين أيضا تسوية خلافات بين الطرفين بينها ما يتعلق بمسألة الصيد شديدة الحساسية.
وفي حال فشل الطرفان بالتوصل إلى تسوية، تطبق على العلاقات التجارية بينهما قواعد منظمة التجارة العالمية بضوابطها الجمركية ورسومها المرتفعة.
ويثير هذا الاحتمال خشية منظمة أرباب العمل الأوروبية (بيزنس يوروب) التي لم تخف قلقها الشديد من وضع المفاوضات الحالي.
وغياب الاتفاق سيكون له تداعيات كارثية على الأرجح على الاقتصادات المتضررة أصلا بسبب وباء كوفيد-19.
وبالنسبة لبارنييه، فإن الموعد النهائي للتوصل إلى اتفاق هو 31 تشرين الأول، لإعطاء وقت للدول الأعضاء والمملكة المتحدة للمصادقة على أي اتفاق يجري التوصل إليه، ويفترض أن يدخل حيز التنفيذ اعتبارا من 1 كانون الثاني 2021.
وذكّر وزير الدولة البريطاني للتجارة غريغ هاندز الاثنين عبر الإذاعة الرسمية الألمانية بأن لندن لا تطلب علاقة تجارية تقليدية على غرار تلك التي تربط كندا والاتحاد الأوروبي وترفض مطالب بروكسل بشأن احترام شروط المنافسة.