عروض انتهاء الصلاحية!
في أغلب دول العالم ينتظر المواطنون العروض المغرية التي تُعلنُ عنها الشركات الصناعية للسلع التي اقتربت مدة انتهاء صلاحياتها. وتقتصر هذه العروض على السلع التي تُستهلك سريعاً خلال أقل من أسبوع، أي من يشتريها بأسعار تصل غالباً إلى أقل من نصف سعرها في الأيام الأخرى.. يعرف أنه سيستهلكها قبل انتهاء صلاحياتها!
وبعبارة دقيقة: عروض انتهاء الصلاحية عملية ترويجية يستفيد منها المستهلك من جهة، وتُجنّب المصنّع الخسائر الناجمة عن إتلافها من جهة أخرى.
ونستنتج من ذلك التالي: لا إمكانية لعرض سلع منتهية الصلاحية للبيع في تلك الدول.
السؤال الآن: ماذا يحدث للسلع التي اقتربت مدة انتهاء صلاحياتها في أسواقنا؟
باستثناء شركات محدّدة جداً، وباستثناء قلّة من التّجار يستوردون ماركات مشهورة، فإن عروض انتهاء الصلاحية معدومة تماماً.
المصنّعون والمستوردون يصرّون على بيع السلع التي اقتربت مدة انتهاء صلاحياتها دون أي تخفيض، بل إنهم يستغلون المناسبات، كشهر رمضان والأعياد لرفع سعرها – لا تخفيضه – مراهنين على “سذاجة” المواطنين الذين نادراً ما يدققون بمدة صلاحية السلع التي يشترونها!!
والتّجار غير قلقين أبداً من مصير منتجاتهم وسلعهم بعد انتهاء صلاحياتها، فالحلول متوفرة وبمنأى عن أية رقابة صارمة تمنع الغش والتدليس ومخالفة الأنظمة النافذة إلا في حالات نادرة جداً.
من أبرز هذه الحلول – أي مظاهر الغش والخداع – التلاعب بتاريخ انتهاء الصلاحية، أو وضع تاريخ صلاحية جديد، أو تشويهه، أو بعرض السلع للبيع على الأرصفة والمحلات في المناطق الشعبية بأسعارٍ تغري سكانها!
وإذا كانت أجهزة الرقابة قادرة على ضبط السلع المنتهية الصلاحية هنا وهناك، فإنها عاجزة كلياً عن ضبطها في الكثير من المنشآت التي تستخدمها لتصنيع منتجات أخرى كالحلويات والمعجنات مثلاً!
من الطبيعي أن تشتري بعض ورشات تصنيع الحلويات أو محلات السندويش، وخاصة الفلافل، كميات كبيرة من السمون والزيوت المنتهية صلاحياتها بأسعار “تشجيعية” من مصنّعيها، واستخدامها بتصنيع سلع وبيعها للمواطن بمنأى عن الرقابة!!
والأمر الملفت أن تدخل المولات على الخط، وتبيع مواد انتهت أو اقتربت نهاية صلاحياتها بأسعارها الجديدة أو تحمّلها على سلع أخرى مرغوبة ومطلوبة من المستهلك!
لسان حال المواطن: أين الجهات الرقابية؟!
لن نتجنى ونزعم أن الرقابة غائبة عن ضبط ومصادرة السلع المنتهية الصلاحية، ولكننا نؤكد أن أساليب عملها غير مجدية ولا فعّالة!!
يُفترض مثلاً أن تكون مستودعات تخزين السلع الغذائية معروفة لدى أجهزة الرقابة أو للوحدات الإدارية التي منحت ترخيص بنائها، وبالتالي يجب أن تقوم أجهزة الرقابة المختلفة بزيارات مفاجئة لها – مراراً وتكراراً – للتأكد من صلاحية السلع فيها قبل عرضها للبيع. كما يمكن لوزارة التجارة الداخلية إلزام المصنّعين والمستوردين بالإعلان عن عروض أسعار للسلع قبل انتهاء صلاحياتها بستة أشهر تحت طائلة إتلافها.
أما في حالات ضبط سلع انتهت صلاحياتها، فيجب على الجهات المسؤولة ليس إتلاف البضاعة وإغلاق المستودعات بالشمع الأحمر لمدد قصيرة فقط، وإنما إغلاق المصنع أو الورشة نهائياً، ومنع المصنّع أو التاجر المستورد من مزاولة المهنة إلى الأبد!.
ودون هكذا إجراءات رادعة لن ينجح أحد بالقضاء على ظاهرة انتشار بيع السلع منتهية الصلاحية في الأسواق.
علي عبود