أنقذوا الرغيف!
ها قد وقعنا بما سبقَ وأن حذرنا منه لحظة اعتماد وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك توزيع الخبز بموجب البطاقة الذكية، بذريعة مكافحة الهدر، فالمستهلك أصبح يبحث عن ربطة الخبز بـ “السراج والفتيلة” إثر عدم التزام المعتمدين بالأوقات المحدّدة لتوزيع الخبز بموجب هذه البطاقة، والأفران عادت لتشهد ازدحامات كبيرة وخانقة، والأدهى من هذا وذاك أن ربطة الخبز التي كانت تُباع قبل اعتماد التوزيع بموجب هذه البطاقة على قارعة الطرق، وبجانب الأفران، بسعر 100 ليرة، أصبحت تُباع بعد اعتماد البطاقة سبيلاً للتوزيع بسعر 400 ليرة سورية!!
لم يكن للتغييرات الشكلية التي قامت بها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لجهة أن شركة “تكامل” لم تعد المسؤولة عن تنظيم البطاقة الذكية، وإنما تحوّل الملف لشركة “محروقات”، على أن تقوم وزارة الاتصالات بتحمّل المسؤولية الفنية عن تشغيل البطاقة، أي أثر إيجابي على توفر مادة الخبز، فالمشكلة آخذة بالتصاعد، ولا يتحمّل أعباءها إلا المواطن الذي أضحى يضيّع ساعات طويلة ليحظى بربطة خبز!
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى رفع سعر ربطة الخبز السياحي إلى 1000 ليرة سورية، وهو رقم فلكي لا يستطيع أصحاب الدخل المحدود تحمّله بأي شكل من الأشكال، وبالتالي لم تعد المخابز السياحية رديفاً لنظيرتها المدعومة، لتملأ الفراغ في حال قصّرت الأخيرة لأي سبب كان، فقد أضحت المخابز السياحية تسدّ حاجة شريحة الممتلئين مالياً.
وإذا ما افترضنا أن الحكومة تتابع الواقع المعيشي الصعب للمواطن، وما تعرّض له من ضغوطات معيشية من العيار الثقيل في ظل الارتفاعات غير المسبوقة لأسعار السلع والمواد، فيتوجب عليها أخذ مسألة توافر الرغيف بالسعر المدعوم على محمل الجدية التامة، وعدم التهاون بذلك مهما كلف الأمر، لأن الرغيف بات المنفذ الوحيد المنقذ للمستهلك.
أما إذا افترضنا العكس، فعلى المواطن أن يستجمع ما تبقى له من قوة – هذا إن كان قد بقي منها شيئ – ليوصل الليل بالنهار عملاً وكداً كي يتمكّن من اللحاق برغيف الخبز، سواء المدعوم أو السياحي.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com