الفاتيكان يأسف لتحويل آيا صوفيا إلى مسجد!
يواصل رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان محاولاته لاستغلال الإسلام لتحسين صورته، ويمثل تحويل “آيا صوفيا” إلى مسجد دليلاً دراماتيكياً جديداً على ظهور دولة تركية أقل علمانية وتسامحاً في ظل نظام أردوغان، حسب تقرير نشرته وكالة “بلومبرج” للأنباء.
تحويل آيا صوفيا لمسجد يعني القول لبقية العالم: “للأسف لم نعد علمانيين”، حسب الروائي التركي أورخان باموق، الحائز على جائزة نوبل، تلك التحفة المعمارية التي شيّدها البيزنطيون في القرن السادس وأُدرِجت على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو”، وتعدّ واحدة من أهم الوجهات السياحية في إسطنبول.
وقد شهدت الكاتدرائية البيزنطية تحوّلاً مرتين في وضعيتها خلال الألفية الماضية، مثّل كل تحول منهما منعطفاً شديد الأهمية في تاريخ المنطقة، وكان تم تحويل المبنى من كنيسة مسيحية إلى مسجد بعد الفتح العثماني للقسطنطينية، إسطنبول حالياً، ومن مسجد إلى متحف عام 1934، في إطار خطوات مصطفى كمال أتاتورك لعلمنة جمهوريته التركية الجديدة.
ومن المقرر أن يفتح أردوغان آيا صوفيا في 24 تموز، في ذكرى معاهدة 1923 التي رسمت الحدود الحالية لتركيا، ولفترة طويلة ظل يُنظر إلى تلك التسوية باعتبارها نصراً، إلا أن أردوغان انتقدها مؤخراً وقال: “إنّها تضمنت تنازلاً عن أراضٍ وسلبت من تركيا مكانتها المستحقة كقوة كبيرة”.
قرار التحويل هذا كان متوقعاً منذ وقت طويل، في توقيت سياسي بامتياز، فشعبية أردوغان تتهاوى تحت وطأة الاقتصاد المتداعي، ويهدّد منافسوه المحافظون بالاستقطاع من الأصوات المؤيدة له.
وبحسب وكالة “بلومبرغ” فإنّ خطوة أردوغان ستتسبّب في تدهور العلاقات المتوترة بالفعل مع اليونان التي تعني آيا صوفيا لها أهمية خاصة كواحدة من أهم الآثار المسيحية الأرثوذكسية، وتشهد العلاقات بين البلدين توترات بالفعل بسبب أنشطة التنقيب عن الطاقة في البحر المتوسط.
وانتقد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس القرار، وقال: “إنّه لم يؤثر فقط على علاقات تركيا مع اليونان، وإنما أيضاً علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي واليونسكو والمجتمع العالمي”.
وقالت منظمة اليونسكو: “إنّها تأسف بشدّة لقرار السلطات التركية”، كما وصف الاتحاد الأوروبي خطوة أردوغان بأنها “مؤسفة”.
فيما أعرب البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، عن أسفه لقرار النظام التركي تحويل كنيسة آيا صوفيا في إسطنبول إلى مسجد، وقال في عظته الأسبوعية: “أفكاري تذهب إلى إسطنبول وأفكر في القديسة صوفيا.. وأنا جداً متألم للقرار التركي”.
وكان مجلس كنائس الشرق الأوسط أكد، أول أمس، أن قرار أردوغان تحويل كنيسة “آيا صوفيا” إلى مسجد هو اعتداء على الحرية الدينية التي كرستها المواثيق والأعراف والقوانين الدولية، داعياً المنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة إلى موقف حاسم من هذا القرار وإعادة الاعتبار للرمزية التاريخية التي تمثلها الكنيسة.
ورغم انشغال أردوغان في حياكة المؤامرات وكيد المخططات، إلا أن أجهزته الأمنية مستمرة في نهج القمع الذي بدأه منذ عام 2016 والمتمثل في حملات الاعتقال والإقالة بحق الشعب التركي، إذ أقالت سلطات النظام التركي 26 قاضياً ومدعياً عاماً من مناصبهم، بذريعة صلتهم بمنظمة الداعية فتح الله غولن الذي يتهمه نظام أردوغان بالوقوف وراء محاولة الانقلاب عام 2016.
وأجرى النظام التركي في حزيران الماضي حركة تنقلات طالت أكثر من 4626 قاضياً ومدعياً عاماً، كما عزل آلاف القضاة والمدعين العامين وعيّن مكانهم قضاة جدداً غير مؤهلين ولا يمتلكون الخبرة.
وبعد أربع سنوات تجاوز عدد الأشخاص الذين زجّهم النظام التركي في السجون 91 ألفاً، وفاق عدد من تقرر عزلهم من مناصبهم أو أوقفتهم السلطات عن العمل بدعوى وجود صلات بينهم وبين غولن 150 ألفاً.