“تاء مبسوطة” تطلق “ليلكي غامق”
شهد المركز الثقافي في المزة مؤخراً إطلاق وتوقيع مجموعة “ليلكي غامق”، وهي نتاج عمل ورشة الكتابة السردية التي سبق وأن أقامتها جمعية “تاء مبسوطة” ضمن مشاريعها لتمكين المرأة عبر تنمية ملكاتها واكتشاف مواهبها بالشراكة مع الهيئة العامة السورية للكتاب وبإشراف الروائي خليل صويلح. وبيّنت الأديبة ديانا جبور رئيسة الجمعية أن معظم المشاركات خضنَ تجربة الكتابة القصصية لأول مرة في مسعى للتعبير عن ذات مجهضة حيناً ومنتهكة طوراً، علاقات حب وهجران، عزلة وأشواق، وندبات تركت آثاراً عميقة في الأرواح، وكانت الحرب حاضرة في ثنايا السرد فألقت بثقلها على مصائر أغلب الشخصيات، وتمكّنت المشاركات من التعبير إبداعياً عن ذات توّاقة رغم الحرب التي جعلتهنَّ أكثر جرأة في رفع الصوت وصرخات كان من الممكن أن تظل حبيسة وادٍ عميق، لكنها انتقلت كتجربة إبداعية واعدة ضمن دفَّتَي كتاب بفضل المهارات التي اكتسبَتْها المشاركات في الورشة، مؤكدة أن ورشة الكتابة السردية التي أثمرت كتاب “ليلكي غامق” هي الخطوة الثانية لجمعية “تاء مبسوطة” في إطار إصدار المطبوعات بالشراكة مع الهيئة العامة السورية للكتاب، وذلك استمراراً لمشروعها في اعتماد الثقافة والفن كأساس أي مشروع لها، فبدونهما سيكون أي مشروع أو منجز آنياً ومؤقتاً، في حين أن المعرفة هي التي تتيح الفرص للتجديد والإبداع والابتكار، مشيرةً إلى أن الجمعية سبق وأن أقامت ورشة مسرحية توّجت بإصدار كتاب، مع استمرار الجمعية بإقامة ورشات أخرى تعتمد على تمكين المرأة معرفياً وثقافياً وفنياً، موجهة الشكر للمتدربات اللواتي كنَّ شغوفات ومتحمسات ومخلصات لموضوع الورشة، فمن كتاباتهن نكتشف مدى قربهن من المحيط ومحاولتهن نقل هذا المحيط دون أن يكون نقلاً حرفياً بل بتكثيف إبداعي كفيل بنقل خلاصة التجربة للمتلقي. وبيّنت جبور أن الجمعية تعتمد دائماً على الثقافة والفن كوسيلة لتمكين المتدربات إيماناً منها بأن الثقافة ضمانة للتنمية المستدامة، ومن خلال هذه الورشات تدعو الجمعية المرأة للخروج نحو الفضاء العام وتزويد المشهد الإبداعي بمواهب مستقبلية ناقلة لأهمية الثقافة والفن، منوهة بأنه لولا الشراكة مع الهيئة العامة السورية للكتاب ومع الروائي خليل صويلح كمشرف على الورشة لما استطاعت الجمعية أن تحقّق النجاح في هذه الورشة.
أصوات جديدة وموهوبة
وعبّر د. ثائر زين الدين مدير الهيئة العامة السورية للكتاب عن سعادته بالتعاون مع جمعية “تاء مبسوطة”، وأن كتاب “ليلكي غامق” الذي ضمَّ مجموعة قصص من نتاج ورشة الكتابة السردية هو الثمرة الثانية لهذا التعاون، مؤكداً أن الجمعية أتقنت اختيار السيدات اللواتي قامت بتدريبهنّ تحت إشراف الروائي خليل صويلح، ورغم أن القصص في الكتاب هي التجارب الأولى إلا أنها كانت نصوصاً مكثفة وأنيقة تنهل من تجارب بلدنا ومن الواقع المعاش، وقد كانت الورشة فرصة لتقديم مواهب جديدة إلى المشهد الثقافي السوري في مجال القصّ في وقت عانى منه هذا المشهد كثيراً، وهو يحتاج اليوم لمواهب وأصوات نسائية جديدة وموهوبة، موضحاً أن المشروع مشروع مشترك أطلقته جمعية “تاء مبسوطة” بالتعاون مع الهيئة العامة السورية للكتاب، حيث تقيم الجمعية ورشات كتابة لمجموعة من المواهب بإشراف أسماء مهمة في مجال الأدب والثقافة والفن، وفي نهاية الورشة تُقدَّم النصوص الناضجة للهيئة التي تقوم بدورها بدراستها وتقييمها ومن ثم نشرها لتكون هذه الورشات الخطوة الأولى للمتدربات لإنجاز عمل مشترك لتخطّ كل موهبة في المستقبل طريقها الإبداعي الخاص بها.
متدربات هاويات
ورأى الروائي خليل صويلح أن خصوصية الورشة تنبع من أن المتدربات هاويات ويعملن في مهن لا علاقة لها بالكتابة، وكمشرف على الورشة بيّن أنه ركَّز على أبجدية الكتابة باعتبارهن هاويات ونقل الخواطر التي كتبتها المتدربات إلى مستوى السرد والتعريف بقواعد كتابة النص القصصي والبحث عن الفكرة المبتكرة، مشيراً إلى أن عدداً منهن قد تطوَّرن مع وجود مستويات متباينة ومختلفة بينهن، مؤكداً أن فاقد الموهبة من الأساس من الصعب عليه أن يتطور، وأن الورشات عموماً لا تستطيع أن تصنع كاتباً إن لم يكن موهوباً بالفعل، ومهمته في الورشة كانت تشذيب النصوص من الأعشاب الضارة، معترفاً أنه استفاد بشكل شخصي من تجربة الإشراف على الورشة من خلال مراجعته لأمور كثيرة لها علاقة بكتابة القصة، كما وفرت له الورشة فرصة الاشتباك اليومي مع اللغة.
متى وأين وكيف؟
أما المتدربات في الورشة فقد عبَّرنَ عن سعادتهن بنتاج ورشة الكتابة السردية التي خضعن لها وأثمرت عن كتاب “ليلكي غامق”، فقد بيّنت أصالة قسام أن هذا الكتاب تضمن مشاركة لها بعنوان “لو أنني سألتها عن الطقس” وهي تجربتها الأولى في مجال النشر الورقي، حيث شاركتْ في الورشة لاكتساب خبرات وتطوير مهارات الكتابة والاطّلاع على تجارب الأخريات والاستفادة من خبرة روائي كخليل صويلح، مبيّنة أنها ونتيجة لمشاركتها في هذه الورشة شذّبت النص التي تكتبه، خاصة وأن قارئ اليوم لم يعد يملك الوقت الكافي للدخول في تفاصيل ما يكتبه الكاتب.. أما ميليا الحسن فقد أشارت إلى أن مشاركتها في الورشة كانت رغبةً منها في التعبير عن مكنوناتها من خلال الكتابة، وأهم ما تعلَّمَته في الورشة هو كيف تستخدم ملكاتها ومتى وأين، مع اختيار ما يفيد النص واستخدام لغة سهلة قريبة من الناس، وقد ضمّ الكتاب قصتها “فساتين وستائر” وهي قصة بسيطة تلامس حياتها كخياطة مارست الخياطة لمدة 30 سنة، في حين بيّنت سلوى زكزك أنها وعلى الرغم من إصدارها لثلاث مجموعات قبل مشاركتها بالورشة، إلا أنها لم تكن تستطيع التعريف بنفسها على أنها كاتبة إلا بعد مشاركتها في الورشة والتي كانت بحاجة إليها وقد أطلق المشرف عليها روح المغامرة والجرأة في الكتابة، مؤكدة أن الشغف والاندفاع لا يكفيان لأن يصبح المرء كاتباً.
يُذكر أن “ليلكي غامق” ضم قصصاً للمتدربات: سلوى زكزك، فاطمة تلمساني، فاطمة السيد محمد، رنا طه، تقى البوش، براءة خضرة، أصالة قسام، ميليا حسن، روعة سنبل.
أشرف على حفل إطلاق “ليلكي غامق” الإعلامي ملهم الصالح، علماً أن ريع توقيع الكتاب يعود لشراء كمامات وتوزيعها من قبل الجمعية على سائقي وركّاب الحافلات في دمشق.
أمينة عباس