بحث عن جهات مانحة للتوعية.. وتلك قائمة بالمشاريع البيئية المتوقفة بفعل الحرب والحصار
دمشق – كنانة علي
لا تتوانى وزارة الإدارة المحلية والبيئة عن توجيه المسؤولية للمواطن قبل المسؤول بالدرجة الأولى لجهة الحفاظ على الصحة والنظافة وإتباع الإرشادات الصحية والإجراءات الاحترازية، وإذا كانت المسؤولية جماعية كما يفضل الجميع، إلا أن الحكومة – من وجهة نظر سحر عمران مديرة التوعية البيئية في وزارة الإدارة المحلية والبيئة – لا تستطيع وضع رقيب لكل مواطن، لاسيما أن كثيراً من الأشخاص، للأسف، لم يأخذ على محمل الجد موضوع التعاطي مع جائحة كورونا التي تعد مشكلة بيئية بالأساس، وبالتالي يجب المحافظة على البيئة ونظافتها لتخفيف الوباء، فنسبة كبيرة من الأمراض مرتبطة بالبيئة كاللاشمانيا مثلاً.
وكنتيجة حتمية، جري التركيز على الدور المجتمعي والمشاركة المجتمعية ودور لجان الأحياء والوحدات الإدارية والمنظمات والجمعيات، وتفعيل دور المواطن في العمل، في ظل تجاوب كبير في المناطق، منها دير عطية في ريف دمشق، ورأس الكتان في محافظة طرطوس والكفر في السويداء، كنماذج.
وفي التفاصيل والحيثيات، تضيف عمران أنه تم العمل على إنجاز وتصميم بوسترات توعوية خاصة بكورونا، وكان هناك محاولات للحصول على تمويل من جهات مانحة للتوعية على مستوى المحافظات، ولكن لم يتم التوفير، مع التنويه إلى أن الإعلام المرئي والمسموع يعمل بشكل جيد على برامج توعوية.
وفي الحديث عن التوعية البيئية بشكل عام كان النشاط قبل وباء كورونا يشمل جميع المحافظات وهناك العديد من القضايا التي تعنى بالصحة العامة ومنع انتشار الأمراض، وكان العمل على توعية المواطنين بأهمية الحفاظ على البيئة وتعزيز السلوكيات الإيجابية مع العديد من المنظمات الشعبية والأهلية والجمعيات، إلا أنه توقفت النشاطات مؤقتاً بسبب الحجر الصحي، وحالياً نقوم بوضع خطط عمل لبرنامج توعوي واسع قريباً بعد العيد، وسيتم التركيز فيها على كثير من الأمراض التي يرتبط انتشارها بالبيئة، لأنها الأساس وذلك بعد تزايد أعداد الإصابات بكورونا والواقع الصحي.
واستكمالاً لمادة نشرتها “البعث” قبل أيام، حول غياب العامل البيئي الفاعل رغم أهميته مؤسساتياً ومجتمعياً هذه الأيام، تؤكد مديرة التوعية البيئية أن دور البيئة لم يغب ولم يهمش ولم ينحسر ولم يتراخ، ولكن بعد دمج الوزارة أصبح حجم العمل ضخما وظروف الحرب والظروف الاقتصادية فرضت أولويات تتعلق بتأمين الحاجيات الأساسية للمواطن، على الرغم من أن قطاع البيئة لا يقل أهمية عن أي جانب خدمي آخر بسبب التعديات على الغابات من حرائق وتحطيب وتراكم النفايات في المناطق الساخنة وعدم توافر الآليات التي تعرضت للسرقة والتدمير من العصابات الإرهابية، ولكن العمل كان مستمرا طوال سنين الحرب حتى في المناطق الساخنة.
وشددت على أن التوعية عمل تراكمي ولا يمكن حصد النتائج بأيام أو بأشهر، وتحتاج لوقت طويل وبيئة سليمة وبدون ضغوط وأوضاع اقتصادية سيئة، وخاصة بعد العقوبات الاقتصادية وقانون قيصر. واعترفت عمران أن الدمج أثر، والعمل ليس كما كان عندما كانت البيئة وزارة مستقلة، حيث كان العمل والاهتمام كله في القطاع البيئي ونعتمد على التمويل من المنظمات الدولية، وبعد العقوبات والحصار انسحبت، وبالأساس التمويل للقطاع ضعيف، ولكن يتم الآن العمل على عودة هذه المنظمات للعمل، لأن معالجة أي مشكلة بيئية بعد حدوثها أكبر بكثير من المعالجة قبل وقوعها.
من جهته، استحضر المهندس يوسف الكردي معاون مدير التوعية البيئية في الوزارة، أمثلة على أن العمل البيئي عمل استراتيجي وليس عملا آنيا، ففي عام 2010 كان هناك دراسة إستراتيجية لمحافظة ريف دمشق للتخلص من مياه الصرف الصحي للمدن المتواجدة فيها، وكان هناك اتفاق مع الجانب الماليزي على إنجاز 100 محطة معالجة على مستوى ريف دمشق، ولكن بسبب الأزمة والحصار انسحب الجانب الماليزي وتوقف المشروع، وذلك بعد حفر القنوات، وبالتالي استمرت المشكلة بتجمع مياه الصرف الصحي. وكمثال آخر، الصرف الصحي لجرمانا حيث كان يتجه لمحطة عدرا والمشروع لم يتم توجيهه إلى شبعا في ظل تغير مناسيب محطة المعالجة.
أيضاً في 2010، تم إحداث دائرة النفايات الصلبة ووضعت ميزانية لإحداث عدة معامل لها في المحافظات وتأثر المشروع، ولم يتم إنجازه بشكل كامل في كل المناطق، وأثناء الأزمة والحصار وعدم توافر المحروقات تراكمت النفايات في المدن والبلدات، والعمل مستمر ومعالجة الأثر البيئي لأي صناعة من الصناعات قائم وجيد، ولكن العمل الاستراتيجي البعيد المدى هو ما تأثر، وكمثال نحن بحاجة للإسمنت وتصنيعه محلياً، وبحاجة لتشغيل المعامل بأي ظرف، ما أثر على البيئة، ففي حين كان لنا في عام 2008 مصاف لتصفية الاسبستوس الناتج عن معامل الاسمنت بعدرا، إلا أن هذه الفلاتر بمرور الوقت تحتاج لتغيير وصيانة، وهذا يتأثر بسبب الحصار، ويحاول المهندسون خلق بدائل عن المستورد بالصيانة.
ويؤكد الكردي أن معظم آليات النظافة (ترحيل النفايات) ألمانية أو يابانية، ولكن بالحصار فقدت القطع وأصبح التبديل من نفس قطع المركبات المتواجدة، فكان التدمير ممنهجا للإمكانيات الموجودة في البيئة، وأثناء الأزمة كان تقطير النفط يدويا مما أحدث تلوثا، واستطعنا بالتعاون مع الفعاليات المجتمعية الوصول لمشغلي التقطير لتحديثه والحد من التلوث.