صفاء رقماني: لي حساباتي الخاصة ولا ألهث وراء الأدوار
لا يمكن لأي متابع لمسرحية “بيت الشغف” التي تُقدَّم يومياً على مسرح الحمراء بدمشق ألا يلفت انتباهه الأداء الساحر للفنانة صفاء رقماني في ثاني تجربة مسرحية لها، معترفة في حوارها مع “البعث” أنها بذلتْ جهداً كبيراً في الإعداد والتحضير لشخصية العروس في المسرحية، كما بذل الفنانون: أمانة والي ويوسف المقبل ومجدي المقبل أقصى جهودهم لتجسيد شخصياتهم، فتم الخروج بعرض ممتع ونتائج مرضية.
شخصية مغرية
رغبتها بالتعاون مع المخرج المسرحي هشام كفارنة كمخرج له خصوصيته المتميزة، وإعجابها بالنص الذي تقوم عليه المسرحية، أغراها ذلك لأن تُشارِك في هذه المسرحية، إلى جانب أن الشخصية التي تجسدها مغرية لأية ممثلة لتقلباتها النفسية العديدة، فهي تجمع في داخلها مجموعة من التناقضات، وهي شخصية من الصعب فهمها وفهم تصرفاتها، لكن ما هو مؤكد وواضح أن هذه التناقضات التي تعيشها هي نتيجة سيرورة حياة مرّت بها وأوصلتها إلى هذه الحالة بعد أن كانت صبية مفعمة بالحياة، وبينت رقماني أن الشخصية كانت مشبعة من قبل كفارنة كمعدّ وكان لديها بعض المداخلات على بعض الجزئيات التي كان لها رأي فيها، لكن ليس من أجل تطوير الشخصية لأن الشخصية كانت مبلورة بطريقة رائعة، فالمخرج، والذي قام بعملية الاقتباس والإعداد، كتبَ نصاً جميلاً بشخصياتٍ رائعة، وهي جسّدت شخصيتها بحب شديد وبضمير صاح وكما يجب، منوّهة بأن كفارنة كمخرج قَدَّم لها العديد من الملاحظات التي أضافت للشخصية، وهي تجاوبت مع هذه الملاحظات وأخذت بها لتطوير الشخصية، وأسعدها جداً أن المخرج كان راضياً عمّا قَدَّمَتْه من خلال الصيغة الجميلة التي تم التوصل إليها بينها وبينه، خاصةً وأنها ممثلة تهتم بملاحظات المخرج وتلتزم بها سواء في المسرح أو في التلفزيون أو في الإذاعة والدوبلاج.
مخرج متعب
تبيّن رقماني أن كفارنة مخرج مهم ويمتلك عيناً ثاقبة وجميلة، رغم أنه مخرج مُتعِب بالنسبة للممثل، وهذا ما يجب أن يكون عليه المخرج الذي يطمح لتقديم عمل يرضي الجمهور، لذلك تعترف أن هذه التجربة لا بد أنها ستضيف لها أشياء مهمة كممثلة، منوهة-وهي التي كانت لها تجربة سابقة مع المخرج زيناتي قدسية- بأن كل مخرج له أسلوبه وكل تجربة تختلف عن الأخرى بالنسبة لها، فبين تجربة وأخرى تتغير المفاهيم وتصقل وتتطور حسب اجتهاد الممثل ورؤيته للأشياء، لذلك وفي ثاني تجربة لها في الوقوف على خشبة المسرح تعتز بشهادة كبار الفنانين الذين أثنوا على أدائها في التجربتين، مع رضى المخرجين عمَّا قدمتْه.
حفلة على الخازوق
ولا تخفي رقماني أن تجربتها المسرحية الأولى “حفلة على الخازوق” هي التي حبّبتها بالمسرح وجعلتها تكون اليوم ضمن فريق “بيت الشغف”، خاصة وأن الفنان زيناتي قدسية وفريقه تعاملوا معها بكل حب واحترام واحتووها بعناية فائقة، ومن هذه التجربة حملت انطباعاً جميلاً عن المسرح، لذلك توجّه رقماني تحية للمخرج قدسية الرجل الراقي كإنسان وفنان، مؤكدة أنها تحترم وتعشق كل تجربة قَدَّمتها، لكنها تعترف أن المسؤولية في التجربة الثانية كانت كبيرة، وأن الشخصية التي جسدتها كانت متعبة وقد بذلت فيها جهداً كبيراً.
بين المسرح والتلفزيون
عندما كانت صفاء رقماني في المرحلة الثانوية كانت تحرص على حضور العروض المسرحية، وأول عمل مسرحي حضرته كان بعنوان “هاملت” لجهاد سعد ومريم علي، ومن يومها وهي تعشق هذا المكان، لكنّها لم تقف على خشبة المسرح في بداياتها واتّجهت نحو التلفزيون، وقد شاركت في مجموعة من الأعمال مثل: “سفر-ثلوج الصيف-الأرواح المهاجرة” لكن تجربتها مع الفنان ياسر العظمة، القامة الكبيرة، كانت متميزة من خلال مراياه التي رسمتْ ملامحها كممثلة وعرّفت الناس بها، مؤكدة أنها تتمنى أن تكون ضمن فريقه لو عاد الأمر لها لخصوصية هذا العمل لديها، وهي التي شاركتْ في العديد من أجزائه، ومتأكدة أنها ستقدم ما هو أفضل عما سبق أن قدمته فيه نتيجة تعزيز التجربة، وأوضحت رقماني أنها وفي كل الأعمال التي شاركت فيها أظهرت جانباً من موهبتها وإمكاناتها كممثلة، وكثيرة هي الأعمال التي تُحبّها مثل “الخط الأحمر-زيزفون-قاع المدينة-رصاصة رحمة” وشخصيتها في الفيلم التلفزيوني “ما بين حب وحب”، إخراج كفاح الخوص، من أجمل الشخصيات التي اشتغلتها حتى الآن ضمن حلقة تحت عنوان “حب عابر”، وفيها جسدت شخصية أم لشابّة، معترفة أنها في البداية لم تتقبل هذا الدور إلا أن المخرج أقنعها بوجهة نظره وقبِلَتْ لأنها شخصية جديدة عليها، مبينة أن كفاح الخوص من المخرجين المتعبين جداً والذين يخرجون دائماً بنتائج مرضية، مع إشارتها إلى أن الفيلم لم يُعرَض بعد.
موقف مسبق
غابت رقماني عن الموسم الرمضاني الماضي بسبب الأجور التي قُدمت لها والتي لا توازي جهدها وتعبها، وقد تابعت في رمضان مسلسل “مقابلة مع السيد آدم” واستمتعتُ بـ “سوق الحرير” وأُعجِبَت به كثيراً، منوهة بأن مسلسل “365 يوماً وربع” كان آخر عمل شاركت فيه ولم يُعرض حتى الآن وهو عبارة عن لوحات واقعية كوميدية خفيفة قصيرة تحكي عن أزمات ومشكلات بشكل كوميدي خفيف، وقد شاركت فيه بمجموعة من اللوحات وقَدَّمتْ شخصيات مختلفة.. أما اليوم فلا تنكر أن شخصيات مغرية قد عُرضت عليها في بعض الأعمال إلا أنّها لم تتفق مع أحد بعد، مبينة أنها عملت وما زالت في الدوبلاج وهو فن صعب يجب ألّا يُستخف به.
وعن سبب غيابها عن التلفزيون في فترة من الفترات تؤكد رقماني أن لديها حساباتها الخاصة دائماً، فهي لا تلهث وراء الأدوار ولا تركض بحثاً عن فرصة عمل، وهي اليوم موجودة، وحين يتوفر ما هو مناسب ستتواجد، مؤكدة أن معطيات كثيرة تغيّرت في الوسط الفني، وكان من الطبيعي أن تغيب ضمن هذه المعطيات التي لا تتناسب معها مثلها مثل الكثير من الفنانين الآخرين، مختتمة كلامها بالإشارة إلى أنها لم تعمل ضمن أعمال البيئة الشامية ولا مشكلة لديها في أن تكون ضمن هذه الأعمال أو أي نوع آخر، فما تغريها هي الشخصية وليس لديها موقف مسبق من أي عمل.
أمينة عباس