حكم الإعدام في زمن الحرب.. البعض يطلب “نصب المشانق” و الآخر ينادي بالإلغاء!
يشهد معدل الجرائم تزايداً ملحوظاً، وتنوعاً في الأساليب لتصبح أكثر قسوة ووحشية كنتيجة حتمية لسنوات الحرب الماضية، والأزمة الاقتصادية الحالية، وفوضى وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية المباحة لمختلف الفئات، لاسيما الأطفال، وعلى وقع انتشار أخبار الجرائم وتحولها إلى قضايا رأي عام، يتزايد عدد المطالبين بتنفيذ حكم الإعدام بالمجرمين وجعلهم عبرة لتحقيق الردع في المجتمع، وتهدئة نفوس ذوي الضحايا، لاسيما أن القانون السوري يسمح بتنفيذ الإعدام، غير أنه نادراً ما يكون علنياً، ما يجعله يفقد برأي بعض أهل القانون سمته الأهم وهي الردع.
وجهات نظر
“انصبوا المشانق في الساحات”، هو مطلب ينادي به جزء من المجتمع لمعاقبة القاتل والمجرم والمغتصب والإرهابي، وحتى حيتان الحرب ممن لهم اليد الطولى في تدمير الاقتصاد السوري، غير أن الجزء الآخر، بما فيه بعض المنظمات الحقوقية، يرى وجوب إلغاء حكم الإعدام من القانون أساساً، معتمدين برأيهم هذا على أن العقوبة تتنافى مع مبادئ العدالة، ولا يمكن العدول عنها إذا ظهرت أدلة جديدة، فضلاً عن توجه عدد كبير من دول العالم لإلغاء العقوبة، وهنا يعتبر رئيس محكمة الجنايات الأولى القاضي حسام العلوش أن المنظمات تعتمد على النظرية لا التطبيق، فهي تتحدث من منطلق انساني، لكن الواقع وطبيعة المجتمع يستلزمان العقوبة لتحقيق الردع العام، و”جبر خواطر” ذوي الضحايا، وتحقيق حالة من الاطمئنان، خاصة أننا لانزال بحالة حرب، وهناك العديد من الدول – الأوروبية حتى – ألغت العقوبة ثم أعادتها في الفترة الأخيرة بعد تزايد الجرائم فيها.
لمن الإعدام؟
وردت عقوبة الإعدام في قانون العقوبات وبعض القوانين الخاصة، ففضلاً عن تطبيقها لتهمة الخيانة وحمل السلاح ضد الشعب السوري، وتهريب القوات المسلحة للعدو في البلاد، وأعمال التحريض العسكرية، فهي أيضاً تستهدف من يرتكب جرائم القتل العمد، والقتل الواقع على أشخاص تمهيداً لارتكاب جناية، أو تسهيلاً أو تنفيذاً لها، أو تسهيلاً لفرار المحرضين أو الفاعلين أو المتدخلين بتلك الجناية، وقتل أحد الأصول أو الفروع، كما يُحكم المغتصب بالإعدام إذا كانت المعتدى عليها لم تتم الـ 15 من عمرها، أو إذا وقع الاغتصاب تحت تهديد السلاح، أما القوانين الخاصة التي تضمنت العقوبة فهي قانون المخدرات، وبالأخص زراعة وصناعة وتهريب المخدرات، وجرائم الخطف في حال توفي المخطوف، أو أصيب بعاهة دائمة له، أو قام الفاعل بالاعتداء جنسياً عليه.
ومع المطالب الملحة بإعدام متمولي الحرب، والمضاربين على الليرة، ومحتكري المواد الأساسية، يوضح العلوش أن قوانين الجرائم الاقتصادية لم تتضمن حكم الإعدام، وهو أمر يستوجب إصدار قانون خاص استثنائي، كما فعلت بعض الدول حين لجأت لتطبيق الإعدام في حالة الحرب، خاصة لجرم الاحتكار.
الردع عبر الإعلان
وبحسب العلوش فإن مكان تنفيذ الحكم يحدده مرسوم رئاسي إما داخل السجن أو مكان وقوع الجريمة، أو إحدى الساحات العامة، إلا أنه لا يصدر دائماً للعلن، معتبراً أنه كلما كانت الجريمة مؤلمة، وأثارت الرأي العام وذوي الضحية، كان الإعدام العلني يهدئ النفوس ويردع المجرمين، موضحاً أنه في حال اسقاط الحق الشخصي بعد انبرام الحكم غالباً يتم التريث إدارياً لحين صدور مرسوم عفو بحيث يخفف الإعدام للأشغال الشاقة المؤبدة.
حق الدفاع
ورداً على التساؤلات حول حق المتهم بتوكيل محام، يؤكد رئيس الجنايات الأولى أنه يُسمح بتوكيل محام خلال مراحل التقاضي، وأساساً لا يجوز محاكمة المتهم بقضايا الجنايات إلا بوجود محام، وإذا لم توجد إمكانية مادية لدى المتهم فتوكل المحكمة محامياً للدفاع عنه، أما بعد انبرام الحكم فلا يُقبل أي طريق من طرق الطعن والمراجعة، لافتاً إلى أن القانون منع إعدام القاصر، والمرأة الحامل، والمريض النفسي بعد تأكيد حالته من قبل لجنة طبية مختصة، وبحسب القانون لا ينفذ الحكم أيام الجمعة والآحاد، وفي المناسبات، والأعياد الدينية والوطنية.
مراحل التحقق
يؤكد العلوش أن ضمانة التأكد من الحكم هي مروره على محاكم عدة، بداية من النيابة العامة، ثم قاضي التحقيق، ثم قاضي الإحالة، لتستقر الدعوى أمام محكمة الجنايات التي تستمع لأقوال المتهم، وذوي الضحية، وشهود الحق العام، وشهود المتهم، وتتحقق من كفاية الأدلة لحد الجزم واليقين لإصدار حكم الإعدام، ثم هناك مراجع قضائية أخرى تدقق في الحكم فيما لو تظلم أحد أطراف الدعوى، وإذا تم الطعن بالحكم ينظر بالدعوى في الغرفة الجنائية لدى محكمة النقض، وبعدها يصبح القرار مبرماً، وتعرض القضية على لجنة العفو، ثم تصدر موافقة رئيس الجمهورية على شكل مرسوم يقضي بإنفاذ العقوبة، ويحدد مكان وتاريخ التنفيذ.
ريم ربيع