ثقافةصحيفة البعث

بعد تسلمه إدارة “الحياة السينمائية” و”الفن السابع”.. نضال قوشحة: المسؤولية كبيرة!!

يعترف نضال قوشحة أن اختياره ليكون خلفاً للراحل بندر عبد الحميد في إدارة مجلة “الحياة السينمائية” وسلسلة “الفن السابع”، اللتين كان يديرهما عبد الحميد بنجاح كبير، يحمّله مسؤولية كبيرة، لأن الراحل كان يصدرهما بسوية عالية من حيث المضمون، وهو لم يترك لخلفه الكثير ليقدمه، شاكراً وزير الثقافة على ثقته بتكليفه لإدارتهما، مؤكداً في حواره مع “البعث” أنه سيسعى إلى تقديم إضافات لتستمر مسيرة هذين الإصدارين بالنجاح نفسه من خلال تنفيذ خطط جديدة تتعلق بإيجاد منظومات لها علاقة بتصنيفات وتبويبات محددة، متجهاً ضمن الخطة الجديدة للحياة السينمائية إلى الدراسات البحثية والنقدية معاً، دون أن ينكر أن الوضع الاقتصادي والعقوبات الجائرة على سورية أثّرت على طباعة المجلة والسلسلة، مع عدم وجود برمجة زمنية واضحة لإنجاز هذين الإصدارين، مشيراً إلى أنه تواصل مع عدد من النقاد السوريين والعرب الذين رحبوا بأن يكونوا ضمن كتّاب المجلة والسلسلة، ولم يتفاجأ من تجاوبهم السريع لأنه يدرك تماماً مكانة مجلة “الحياة السينمائية” في سورية والوطن العربي.

مرجع موثوق

يبيّن قوشحة أن مجلة “الحياة السينمائية” مجلة بحثية فكرية عالية المستوى، فهي مرجع موثوق في عالم السينما، وهي من أهم المجلات السينمائية بتاريخها العريق، إذ تحظى بكل الاهتمام من قبل كبار السينمائيين المحليين والعرب لأهمية المواضيع التي تتناولها، موضحاً أن الحياة السينمائية وسلسلة الفن السابع منبران سينمائيان مفتوحا المجال لكل من يريد أن يكتب بكيفية تتناسب وخصوصيتهما، مع رجائه أن تكون المادة أصلية وبعدد كلمات يتجاوز 1800 كلمة، مبيناً أن خطته تقوم على انفتاحه على مجموعة كتّاب ليسوا من المشاهير لكنهم يكتبون بشكل جيد دراسات وأبحاثاً وترجمات سينمائية، مبتعدة عن نشر الأخبار اليومية باعتبارها مجلة فصلية.

الفن السابع

لدى قوشحة خطط جديدةً لسلسلة “الفن السابع” على صعيد زيادة التَرجمات التي تتناول السينما الأوروبية والآسيوية، وتسليط الضوء على مشاريع سينمائية في بلدان مختلفة لديها سينما بنكهة معينة ليطّلع عليها جمهور السينما، ومن ضمن الخطة الجديدة أيضاً الاهتمام بالنشر الإلكتروني لأهميته في موضوع الانتشار وتخفيض كلف الإنتاج دون الاستغناء عن النسخ الورقية التي مازالت الأكثر متابعة في جميع أنحاء العالم.

غرفة السينما

يستمر قوشحة في إنجاز أفلام وثائقية عن شخصيات أدبية وسينمائية، وفي رصيده حتى الآن سبعة أفلام يعتز بها: جورج لطفي الخوري، أيقونة الفرح (صباح)، (الريس) حنا مينة الذي عُرِض في إحدى دورات مهرجان الإسكندرية، وقد كرم الكاتب حينها بندوة خاصة وتسلم درعاً من رئيس المهرجان الأمير أباظة نيابة عن ذويه، بالإضافة إلى فيلمين عن دبلوم السينما وفنونها وهو اليوم انتهى من إنجاز فيلم عن الراحل بندر عبد الحميد بعنوان “غرفة السينما”، ويوشك على الانتهاء من فيلم آخر عن الراحل ريمون بطرس بعنوان “قيثارة العاصي والسينما” تقديراً لقامتين سينمائيتين كبيرتين، موضحاً أن “غرفة السينما” هي المكان الذي كان مكتب عبد الحميد الإبداعي وكان ملتقى لأهم الشخصيات السينمائية المحلية والعربية، ففيه سبق وأن شاهد قوشحة نور الشريف ومحمود عبد العزيز ومحمود حميدة وكمال رمزي ومعظم المخرجين السينمائيين السوريين وعدداً كبيراً من الأُدباء والشعراء، وكان في هذا المكان طاولة مستديرة يعلوها زجاج، وكان كل زائر لهذا المكان يضع صورته عليها كأحد رواده، وقد تحولت هذه الطاولة إلى لوحة عليها مئات الصور لأهم الشخصيات المحلية والعربية، مشيراً إلى أنه استضاف في الفيلم سينمائيين كباراً ونقّاداً وأصدقاء للراحل، وتناول فيه عبد الحميد  الشاعر والسينمائي، ولا يخفي أن التحضير له أتبعه كثيراً من الناحية الوجدانية، فالراحل هو أستاذه وصديقه، وقد سبق أن بذل جهداً كبيراً لإقناعه بضرورة إنجاز فيلم معه، وقد عُرِفَ عن الراحل عزلته وابتعاده عن وسائل الإعلام، لذلك كان إنجازه للفيلم نوعاً من التحدي، ويؤسفه اليوم أنه صَوَّر فيلماً عنه وليس معه.

قيثارة العاصي والسينما

في فيلم “قيثارة العاصي والسينما” تناول قوشحة بعض المحطات في حياة المخرج السينمائي ريمون بطرس، وكان أيضاً فيلماً متعباً ولكن هذه المرة لكثرة التسجيلات عنه حيثُ شاهد قوشحة 12 ساعة فيديو لاختيار مواد أرشيفية لينتقي منها بعض الشواهد للفيلم، كما كان عليه أن يتجه نحو العاصي لحرصه على تصوير الأماكن التي كان لها دور كبير في تكوينه المهني والذهني كالجامع الذي اختاره كمكان ليُحضّر دروسه فيه ويلقى التشجيع من الجميع، والكنيسة التي خرج جثمانه منها، وكذلك لقاء الأشخاص الذين نشأوا مع المخرج حتى قبل أن يحترف فن السينما وبعض الفنانين الحمويين الذين شاركوا في فيلميه الروائيين الطويلين عن حماة، إضافة إلى تقديم شهادة من ابنه عمر وأخته الفنانة كاميليا بطرس، شاكراً قوشحة محافظ حماة والعاملين في المحافظة الذين سهّلوا له مهمة تصوير الفيلم.

أفلام نخبوية

يبيّن قوشحة أنه في معظم الأفلام التي أنجزها حرص على وجود خط درامي فيها منعاً للملل وكسر الحالة الجافة للفيلم الوثائقي، مبيناً أنه يميل إلى الأفلام الوثائقية، حيث فيها تحدّ كبير بالنسبة للمخرج في تحقيق معادلة إيصال الفكرة وبشكل جاذب، مع تأكيده على أهمية أن يكون المخرج على معرفة تامة بالشخصية التي يتم تناولها، فكلما كانت معرفته جيدة به أنجز فيلمه بشكل مؤثر ومختلف وبوقت أقصر، دون أن يخفي أن إنجاز فيلم وثائقي ليس بالأمر السهل فلا مجال للخيال فيه، والمخرج مسؤول عن حالة الصدق ودقة المعلومات، في حين أن المخرج في الفيلم الروائي يستطيع أن يفترض كل الأحداث التي يتناولها، مع إشارته إلى أن الأفلام الوثائقية أفلام نخبوية، ولكنها مهمة على صعيد الذاكرة ويجب أن تكون في كل مكتبة سينمائية، متمنياً أن يُنجَز سواء من قبله أو من قبل الآخرين فيلم وثائقي عن صباح فخري كأيقونة فنية حضارية سورية لا مثيل لها.

علم الجمال

وكمدرس في دبلوم السينما لمادة علم الجمال يبيّن قوشحة أنه رافق طلاب الدبلوم من الدورة الأولى، ويرى أن من تابع النسخة الأخيرة من مهرجان سينما دعم الشباب يدرك أن هذا الدبلوم أسس لمجموعة من الموهوبين في جميع الاختصاصات وقد صاروا ضمن نسغ الحياة السينمائية في سورية، أما مادة علم الجمال التي يدرّسها اليوم في دبلوم السينما فيشير إلى أنها لم تكن مبرمجة ضمن برنامج الدبلوم، ونتيجة الاستجابة الكبيرة لها من قبل الطلاب أُدرجت ضمن برنامجهم، وهنا يؤكد أن من يريد أن يصنع سينما خالدة عليه بعلم الجمال لأن الخلود في السينما والفن عموماً مرتبط بالتمسك بقواعده الصارمة، مع الإشارة إلى أن مَشاهد بسيطة قد تتوفر فيها كل مقاييس علم الجمال، مع الأخذ بعين الاعتبار أن السيناريو هو الأهم برأيه.. من هنا لا يعول قوشحة على العامل التقني في تقديم فيلم خالد، والتجارب أثبتت وجود من سُخّرت لهم إمكانيات كبيرة ومع هذا لم يُقَدّموا فيلماً خالداً.

يُذكر أن مركز السينما العربية ACC، وهي منظمة هولندية مؤسسيها وأصحابها عرب، اختار قوشحة ليكون من بين 147 ناقداً من 57 جنسية ليكون ضمن لجنة لمنح جائزة النقّاد للفيلم العربي التي يُعلن عنها ضمن مهرجان كان الذي أُجّلَ هذا العام، مشيراً إلى أن النتائج ستعلن قريباً، وهو اليوم وبعد مشاهدته من خلال هذه اللجنة نحو 36 فيلماً وثائقياً وروائياً، ينحني أمام السينمائيين في السودان لما قدّموه من أفلام غاية في الأهمية.

أمينة عباس