إعلان حالة الطوارئ في لبنان وفرض الإقامة الجبرية على مسؤولي مرفأ بيروت
“هيروشيما بيروت”.. كارثة ستعلق في ذاكرة الأجيال، بآلامها الإنسانية وآثارها الاقتصادية المدمّرة التي أوصلت اقتصاد لبنان -المتهاوي أصلاً- إلى شفا الانهيار.
بعد ساعات على الانفجار الذي هزّ مرفأ بيروت والمباني المحيطة به، بدأت آثار الكارثة بالظهور من خلال الحديث عن مئات الضحايا وخسائر مادية تقدّر بمليارات الدولارات، ولا تزال عمليات البحث عن جثث تحت الأنقاض مستمرة في بيروت، فيما أعلن الصليب الأحمر اللبناني عن سقوط 135 ضحية على الأقل وما يفوق الـ5000 جريح توزّعوا على مستشفيات بيروت والمناطق.، مشيراً إلى أنّ الحصيلة مرشّحة للارتفاع في ظل وجود المزيد من المفقودين تحت الأنقاض”.
وفي حين يواصل الجيش اللبناني عملية البحث والمسح في المرفأ، وتتابع فرق الإنقاذ جهودها للبحث عن المفقودين وانتشال الضحايا من البحر ومن تحت أنقاض المباني، أصدرت قيادة الجيش اللبناني أول بيان بعد إعلان حالة الطوارئ لمدة أسبوعين في بيروت، ودعت المواطنين إلى إخلاء المنطقة أمام عمليات الإنقاذ ورفع الأضرار الناجمة عن الانفجار، كما طلبت من أصحاب المنازل والممتلكات الواقعة في المنطقة المحيطة بالانفجار التقيّد بالإجراءات المتخذة والتعاون مع القوى الأمنية المنتشرة في المكان.
وحذّرت قيادة الجيش جميع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية من استخدام الطائرات المسيرة عن بعد (درون) في منطقة بيروت بكاملها لما لهذه الطائرات من تأثير سلبي على حركة الطوافات التي تعمل على إخماد الحرائق والمساعدة في أعمال الإغاثة.
وأعربت قيادة الجيش في بيانها عن تعازيها لذوي شهداء الانفجار الكارثي، متمنية الشفاء العاجل للجرحى والمصابين.
الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أكد أن الانفجار “كارثة كبرى”، داعياً اللبنانيين إلى التضامن والتعاضد لتجاوز آثار الكارثة، وقال خلال جلسة مجلس الوزراء اللبناني الاستثنائية لمتابعة تداعيات الانفجار: “ليس هناك كلام يصف هول الكارثة التي حلت ببيروت التي تحولت إلى مدينة منكوبة. إنه وقت الحزن على شهدائنا وجرحانا ومفقودينا.. والصدمة لا شك عارمة في نفوس جميع اللبنانيين الذين أدعوهم اليوم إلى التضامن والتعاضد كي نتجاوز معا الآثار الكارثية”.
وشدّد عون على أن هول الصدمة لن يمنعنا من التأكيد لأهل الشهداء والجرحى أولاً ولجميع اللبنانيين أننا مصممون على السير في التحقيقات وكشف ملابسات ما حصل في أسرع وقت ممكن ومحاسبة المسؤولين والمقصرين وإنزال أشد العقوبات بهم وسنعلن بشفافية نتائج التحقيقات التي ستجريها لجنة التحقيق”.
كما توجّه بالشكر إلى كل المسؤولين في الدول الشقيقة والصديقة الذين عبّروا عن دعمهم للبنان وشعبه، مناشداً إياهم الإسراع بتقديم المساعدة لدعم المستشفيات والعائلات المنكوبة وترميم الأبنية التي تعرضت للدمار ومرفأ بيروت، وخصوصاً أن لبنان يعيش أزمة اقتصادية غير مسبوقة.
ونوّه عون بهمة اللبنانيين الذين تداعوا إلى مكان الانفجار ومحيطه والمستشفيات لتقديم المساعدة وبعمل الأجهزة الأمنية والأطقم الطبية والإسعافية والصليب الأحمر والدفاع المدني وفوج الإطفاء واستنفارها لتقديم الإسعافات ونقل المصابين إلى المستشفيات وتأمين المسكن للعائلات التي تضررت مساكنها، داعياً الهيئة العليا للإغاثة إلى تكثيف عملها لإجراء مسح شامل وتقديم التعويضات اللازمة.
كما أكد رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب أن لبنان يعيش أزمة كبيرة جراء الانفجار، داعياً كل القوى السياسية ووسائل الإعلام إلى تقديم المصلحة الوطنية على كل ما عداها ووقف السجالات والانصراف للتعامل مع تداعيات الكارثة التي أصابت البلد، ومشدّداً على أن ملف التحقيق أولوية ونتائجه يجب أن تكون سريعة.
وأقر مجلس الوزراء في جلسته الاستثنائية التي عقدت في القصر الجمهوري في بعبدا، إعلان حالة الطوارئ، من دون اعتراض أي من الوزراء، فيما قررت الحكومة وضع كل المسؤولين في مرفأ بيروت تحت الإقامة الجبرية إلى حين انتهاء التحقيقات.
إلى ذلك، توجّه نقيب الأطباء في لبنان شرف أبو شرف في بيان بنداء لتقديم المساعدة قائلاً: “إنّ مستشفيات بيروت امتلأت، والكارثة لا توصف”، متمنياً وضع خطة طوارئ صحية وإيجاد مستشفيات ميدانية.
محافظ بيروت مروان عبود أثار التعاطف ببكائه على الهواء قائلاً: “إن الأمر أشبه بما حدث في هيروشيما وناغازاكي، نحن أمام مصيبة وطنية”، مقدّراً حجم الأضرار في بيروت بما بين 3 و5 مليارات دولار، ولافتاً إلى أن هذه التقديرات ما زالت أولية بانتظار عمليات المسح والتقصي.
وأعلن أيضاً عن غرق باخرة سياحية بالكامل في مرفأ بيروت إثر الانفجار وسقوط ضحيتين وسبعة جرحى من طاقمها.
فيما حذّرت نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجرة في بيان من احتمال انهيار مبانٍ في بيروت بعد الانفجار الضخم الذي حصل وخاصة في الأحياء الشعبية المحيطة بالمكان ولا سيما في منطقة الأشرفية، حيث المباني قديمة وهناك المئات منها مهدّد بالسقوط أصلاً في ظل غياب كلّي لأعمال الصيانة والترميم منذ سنوات عدة.
إلى ذلك، أفاد وزير الاقتصاد اللبناني راؤول نعمة بأن صوامع القمح بالمرفأ دمرت، “لكننا نملك مخزوناً كافياً وهناك سفن قادمة لتغطية الاحتياجات”.
بدوره أعلن مدير عام الدفاع المدني اللبناني العميد ريمون خطار أن فرق الإنقاذ قسمت المرفأ إلى مجموعات في عمليات المسح، مضيفاً: “نحن بحاجة إلى مساعدة لإزالة الركام عبر جرافات وغيرها”، ومبيناً أن وضع صوامع الحبوب الموجود في المرفأ غير سليم وهناك خطر من انهيارها.
وتوزعت جنسيات ضحايا الانفجار على العديد من الدول العربية والأجنبية، إذ أعلنت منظمات ودول، بينها مصر والمغرب والعراق وسورية وهولندا وكندا وأستراليا وقبرص واليمن والأمم المتحدة، مقتل وإصابة عدد من مواطنيها وموظفي بعثاتها الدبلوماسية والأمنية في بيروت جراء الانفجار الدامي.
وأعلنت بعثة قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان “اليونيفيل” إصابة عدد من عناصرها كانوا على متن سفينة تابعة لها كانت راسية في مرفأ بيروت لحظة وقوع الانفجار.
كما أعلنت وزارة الخارجية الألمانية إصابة أفراد من طاقم سفارة ألمانيا في بيروت جراء الانفجار.
وإثر الفاجعة، تقدّم حزب الله من الشعب اللبناني وعائلات الشهداء والجرحى بأعمق آيات المواساة والشعور بالحزن العميق، وفي بيان له، لفت إلى أن هذه الفاجعة الأليمة وما خلّفته من دمار غير مسبوق وعواقب خطيرة تستدعي من الجميع التضامن والوحدة، ووجّه تحية إلى جميع الطواقم الطبية والتمريضية والإغاثية ورجال الدفاع المدني على جهودهم الكبيرة في الإنقاذ، والتزاماً بالحداد الوطني، أجّل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله كلمته التي كانت مقررة الخميس إلى إشعار آخر.