أسواق طرطوس.. تكرار لأسماء المخالفين وغياب للعقوبات الرادعة!
قضايا عديدة يطرحها الشارع الطرطوسي عن الفوضى العارمة في مختلف الأسواق، فهناك من يتحدث عن استخدام الملح بكميات كبيرة تزيد عن النسب المحدّدة في صناعة مواد التنظيف، وهناك من تعرض للأذية الصحية من خلال استخدام مواد ضارة في بعض صناعات التجميل المتعدّدة والمتنوعة، وفقاً لتأكيدات العديد من أطباء الجلدية، الذين أشاروا خلال تواصلنا معهم إلى زيادة حالات الحرق في الوجوه بسبب مواد التجميل غير القانونية والمخالفة للمواصفات، وطبعاً هذه حالة من الحالات التي تلتقي مع حالات الغش في السوق الغذائية والتي تزداد لعدم وجود العقوبات الرادعة.
اللافت أن الأرقام الصادرة عن مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك المتعلقة بتنظيم الضبوط المسجّلة بحق البضائع المخالفة للمواصفات الفنية، وسلامة ما يتمّ طرحه في السوق المحلية، سواء لجهة المواد الغذائية من لحوم وصناعات غذائية من معلبات وشيبس، أم لجهة مواد التنظيف ومستحضرات التجميل وذلك باستخدام مواد عديمة التأثير أحياناً أو مواد تلحق الضرر بالأدوات المنزلية.. تثير الكثير من التساؤلات عن جدوى هذه الإحصائية الرقمية التي تبقى نتائجها حبيسة الأوراق في الوقت الذي يستفحل فيه الغش والمخالفات في الأسواق التي على ما يبدو باتت خارج السيطرة الرقابية بكل أنواعها وأشكالها؟!.
دوريات تعمل.. ولكن؟
مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك أكدت أنه تمّ تنظيم أكثر من 45 ضبطاً تموينياً مخالفة للمواصفات القياسية السورية، وكذلك 80 ضبط غش وانتهاء صلاحية خلال الفترة القليلة الماضية. وبحسب م. حسان حسام الدين مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك فإن دوريات حماية المستهلك تعمل بشكل متواصل ومتتابع لضبط المخالفين وتنفيذ عقوبة الإغلاق الإداري، إضافة لدفع الغرامات المستحقة، ولما يصدره القضاء وقول كلمة الفصل في مجمل هذه المخالفات بغية تحقيق الأمن الغذائي الصحي وفق أفضل المواصفات، وضبط السوق المحلية وعدم السماح لأصحاب النفوس الضعيفة بإدخال أية مادة من شأنها إحداث أذى أو مشكلة صحية للمواطن، وذلك من خلال آليات التنسيق والتعاون مع باقي الجهات الحكومية من صحة وبلدية وشرطة وغيرها.
دور محدود للصناعة
بدوره مدير صناعة طرطوس م. عمار علي أوضح أن دور مديرية الصناعة بالدرجة الأولى والأساسي ينحصر بمنح الترخيص للمنشآت الصناعية بكافة أنواعها، ومنحها السجل الصناعي بعد أن تقوم بإحضار عينات من خطوط الإنتاج وتحليلها في المخابر المعتمدة للتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية السورية وهنا يتوقف دورها.
القول الفصل للقضاء
ومع ذلك يبقى للعامل القانوني والإجراءات المتخذة من السلطة القضائية، وما يحال إليها من ضبوط تموينية ومخالفين، الكلمة الفصل في الحدّ من حجم المخالفات وتقويض أثرها وما ينتج عنه من أضرار، سواء أكانت مادية أم صحية، وذلك من خلال التشدد في تطبيق القوانين المرعية، حيث أشار القاضي علي مرعوش إلى أن القانون رقم 14 لعام 2015 الناظم لعمل التموين يتصف بالضعف لجهة العقوبة ولاسيما عند المفاضلة أثناء فرض العقوبة بين الغرامة أو الحبس، يضاف إلى ذلك أن كافة الجرائم باستثناء إحداها فهي جنحية الوصف، لذلك مطلوب التشدّد في فرض العقوبات من خلال تعديل القانون لجهة العقوبات والغرامات. وأضاف مرعوش أنه مع تزايد عدد الجرائم المرتكبة المتعلقة بالمخالفات أو المتاجرة بالمواد المدعومة والغش وعدم الإعلان عن التسعيرة أو البيع بسعر زائد وغيرها، ونظراً لكون القانون الحالي وتكرار هذه المخالفات، ولأن الأساس القانوني الذي وضعه المشرع في هذا القانون وهو الردع وغاية المشرع الأساسية لم تتحقق في ظل هذا القانون النافذ، وبالتالي المطلوب تعديله بالصورة المناسبة التي تتحقق فيها غاية المشرّع من جهة، ومن جهة أخرى تحقيق العدالة وتحقيق مصلحة المواطن.
لغة الأرقام
تفضح الأرقام التي تزيد عن العشرات شهرياً، وتشمل مصادرات وإتلاف بضاعة وتوقيف مخالفين وإحالتهم للقضاء بسبب الجرائم المرتكبة بحقهم، ومنها المتاجرة ببيع وتصنيع مواد غير صالحة للاستهلاك البشري، استغلال البعض للظروف المعيشية والغلاء في كافة المواد الأساسية من جهة، ومن جهة أخرى استغلالهم لضعف القوانين المتعلقة بهذا النوع من الجرائم والتي أغلبها يحكمها التوقيف بما لا تزيد مدته عن ستة أشهر، إلا إذا سبّبت الجريمة وفاة فهذا له تصنيف جرمي وقانوني آخر، ودون ذلك فجميع هذه المخالفات لم تعد تشكل رادعاً حقيقياً وفاعلاً لهم، الأمر الذي أدى لزيادة عدد حالات المخالفات وتكرار حتى أسماء المخالفين سواء في طرطوس أو غيرها من باقي المحافظات ولأسباب كثيرة ومختلفة، حيث تطول قائمة الشبهات وأيضاً قائمة المواد المخالفة في ظل قانون يراه الكثيرون دون المرتجى والمناسب لضبط هذا الفلتان والاستهتار بصحة الناس!.
لؤي تفاحة