دراساتصحيفة البعث

دبلوماسية الكمامات والهستيريا الأمريكية

عناية ناصر

عندما تبرعت الصين بكمامات وبعدد لا يحصى من الإمدادات الطبية الأخرى لأكثر من 120 دولة في العالم، تم التشهير بها بسبب مشاركتها فيما يسمى بـ “دبلوماسية الكمامات”. والآن تأخذ الصين زمام المبادرة في تطوير لقاح كوفيد-19، وهو بحسب صانعي الأدوية الصينيين أنه سيكون من اللقاحات العالمية الستة المرشحة في المراحل النهائية. وهنا تقوم الولايات المتحدة بالافتراء على الصين مرة أخرى، وتقول أن سعيها للوصول إلى لقاحات كوفيد-  19 هو من أجل غايات سياسية. مثل هذا السيناريو ليس مفاجئاً، لأنه يظهر أن العديد من الدول الغربية محبطة وغاضبة بسبب تراجع قدرتها التنافسية الدولية.

كانت الصين أول من وضع الوباء غير المتوقع تحت السيطرة، وتعافت تدريجياً على هذا الأساس. وبالتالي، تمتلك ما يكفي من الإمكانات التي يمكنها من بذل جهود أكبر لمساعدة الآخرين في مكافحة جائحة COVID-19، فضلاً عن التعاون في أبحاث اللقاحات وتطويرها.

لا أحد ينكر أن الصين دولة كبيرة، ولديها إمكانيات لا تمتلكها العديد من الدول، لكن ما يميزها عن تلك الدول أنها مستعدة لمساعدة الدول النامية الأخرى في مواجهة الوباء المستشري. لذلك علق العديد من البلدان الآمال على الصين لإيجاد اللقاح، لكن العديد من الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، لا تريد مشاركة هذا الأمل لأنها تهتم فقط بمصالحها الاقتصادية بدلاً من كيفية منع انتشار الفيروس.

إذا نجحت الصين ستستخدم لقاحات كوفيد -19 “كمنتج للجميع”، وهذا يتماشى مع ممارسة الصين في بناء مجتمع مشترك للبشرية، لكن الغربيين ينظرون إلى النبل بمقاييسهم السيئة، فهم يعتبرون أن الصين ستتصرف بنفس الطريقة التي يتصرفون بها، ولن تتردد الولايات المتحدة في طرح “الصين غيت”  في موسم الانتخابات كونه سيكون الموضوع الساخن، ولهذا السبب تقول العديد من وسائل الإعلام الغربية إن الصين تسعى لاستخدام اللقاح كأداة سياسية.

لكن الواقع أنه بعد فترة وجيزة من تفشي فيروس كورونا الجديد، أدركت الصين أن تطوير اللقاح معركة لا يمكن أن تخسرها. وأظهر كل من البحث والتطوير السريع في مجال اللقاحات في الصين والموقف المسؤول للبلاد تجاه مشاركة اللقاح مع الآخرين عجز العديد من السياسيين الغربيين عن مكافحة الوباء، وكشف عن ازدرائهم الحق في الحياة – وهو جزء أساسي من حقوق الإنسان – وأظهروا أنهم يهتمون فقط بالمصالح المحتملة التي يجلبها البحث والتطوير في مجال اللقاحات.

لقد سلبت الولايات المتحدة الإمدادات الطبية من دول أخرى وحاولت شراء لقاح حصري محتمل لشركة ألمانية بما يقرب من 1 مليار دولار، وهي بذلك تسعى أن تكون الدولة الأولى، بل والوحيدة، التي تطور لقاحاً معترفاً به من قبل منظمة الصحة العالمية، والسبب ليس إنسانياً، بل كي لا يضيع الرأسماليون الأمريكيون مثل هذه الفرصة لكسب المال.

في هذا السياق، تعتبر جهود الصين عظيمة بالنسبة للغالبية العظمى من البلدان والمناطق في العالم، لذلك يجب أن تكون الصين مستعدة لمواجهة المزيد من الهجمات العدوانية من الغرب، ومن المؤكد أن أصحاب المصلحة المعنيين لن يقفوا مكتوفي الأيدي ويرون الصين تأخذ حصة من احتكارهم للأدوية.