المرأة وأثر العطر في معرض إيمان الحسن
ليس عبثا اختيار الفنانة التشكيلية إيمان الحسن “بقايا عطر” عنوانا لمعرضها الفردي الذي تقيمه حاليا في صالة اتحاد الفنانين التشكيليين بحمص، فهي تعرف جيدا سر العلاقة الوطيدة والرابط التعبيري ذات الدلالات المتشعبة بين العطر والأنثى التي تسعى لاستحضار الكثير من مكنوناتها المختزنة اجتماعيا وروحيا في أغلب لوحاتها، تلك المكنونات التي شكلت هاجس معظم الفنانين الباحثين عن معالم الجمال الشكلي والجوهري والإشكالي أيضا.
يضم المعرض نحو ثلاثين لوحة تتناول في معظمها حالات المرأة وتجلياتها المتعاقبة كعالم قائم بذاته، متنقلة بين انفعالات الفرح والحزن والقوة والتمرد والضعف والانكسار، لكن اللوحة عندها ليست كتابا مفتوحا على الكلمة والمعنى، بل تترك حيزا للمشاهد أن يقتفي أثر مضامين اللون والحركة والتجلي عبر اللجوء إلى المذاهب السريالية والتعبيرية الرمزية والانطباعية، حيث يكمل اللاوعي ما بدأه الوعي لإتاحة المجال للخيال قول كلمته وخلق عنصر الدهشة، وتحفيز الرؤى في قراءة مفردات الرموز والكتل اللونية. ولهذا نراها تركز على مقاطع قريبة مكثفة العناصر للوجه للوصول من خلاله إلى استيضاح مكنونات النفس والتقاط مايمور فيها من نوازع وصراع مع الحياة وتعقيداتها المتوالدة باستمرار.
تتجلى السريالية عند إيمان الحسن في لوحات عدة منها لوحة جذع شجرة مربوط كعقد الحبل، ولوحة المرأة والتفاحة في استحضار لقصة آدم وحواء وتفاحة الجنة، وربطها بالخطيئة، وفي لوحة المرأة المتكورة في معطف الرجل الغامض في معالمه. وغيرها.
إيمان الحسن خريجة المعهد التقاني للفنون التطبيقية شاركت في معارض جماعية عديدة داخل وخارج القطر، ولها ثلاثة معارض فردية، وتعتبر من الفنانات المجتهدات في بحثهن عن التجديد والابتكار عبر تطوير أدواتهن بالخبرة الأكاديمية والتجريب. تستخدم في لوحاتها تقنيات متعددة تتنوع بين الزيتي أو الأكريليك على القماش والخشب وفق مقاسات مختلفة، تلجأ أحيانا لرسم اللوحات التكاملية للموضوع الواحد كما يظهر في لوحاتها الثلاث عن المرأة والغرق، وغيرها أيضا.
آصف إبراهيم