الصراع الحزبي في مجلس الشيوخ يشتد قبل الانتخابات
ترجمة: علي اليوسف
عن موقع ريفولفر
يؤكد مشروع قانون “فيروس كورونا” الذي تمّ الكشف عنه حديثاً في مجلس الشيوخ أن الجمهوريين في الكونغرس لن يقبلوا أبداً دونالد ترامب كرئيس، فقد ظل الديمقراطيون والجمهوريون يقاتلون منذ شهور حول تفاصيل الحزمة الثانية للإغاثة من فيروس كورونا. وبحسب منتقدي المشروع، سيكلف الاقتراح الديمقراطي أكثر من 3 تريليونات دولار، ومن المتوقع أن يتضمن قدراً هائلاً من الإنفاق غير المرتبط بمساعدة الأمريكيين خلال هذه الأزمة الاقتصادية، كما أنه يتضمّن حتى مطالب سخيفة مثل إطلاق سراح السجناء بشكل جماعي باسم حمايتهم من الجائحة.
لكن هذا ليس عذراً لتبني البخل في أسوأ الأوقات وأكثرها نفاقاً، ففي تموز الماضي، تضمن الاقتراح الجمهوري الطريقة الأفضل والأكثر مباشرة لمساعدة الأمريكيين المتضررين من عمليات إغلاق فيروس كورونا، وهي مدفوعات نقدية مباشرة تبلغ 1200 دولار لكل شخص بالغ، و500 دولار لكل طفل.
ولكن في أحدث نسخة من الفاتورة لـ ميتش مكونيل، زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأمريكي، والتي تمّ إصدارها مؤخراً، أكد أنه لا يمكن رؤية المدفوعات في أي مكان. وبدلاً من ذلك، فإن مشروع القانون عبارة عن حزمة “مبسطة”، تتضمن مساعدات للشركات والمدارس والخدمات البريدية، ولكن لا شيء للأفراد الأمريكيين.
هذه الفاتورة هي مؤشر قوي على أن أمريكا تقع في قبضة ما سيكون على الأرجح أسوأ كارثة اقتصادية لها منذ الكساد الكبير قبل 90 عاماً. صحيح أن معدل البطالة الوطني تحسّن، لكنه لا يزال عند 8.4٪، لذلك فإن المدفوعات المباشرة هي الطريقة الأكثر نجاعة والأقل تسييساً لمساعدة البلاد في هذه الفترة الاستثنائية، بدلاً من تسليم الأموال إلى حكومات الولايات غير الفعّالة أو البيروقراطية المتضخمة.
يزعم أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري أنهم قلقون بشأن الإسراف في الإنفاق، ففي عام 2017، وافق المجلس على خفض ضريبي بقيمة تزيد عن 200 مليار دولار سنوياً، مع حصة ضخمة من الفوائد التي تعود على أصحاب الدخل المرتفع والشركات الأمريكية الكبرى. ولمدة 18 عاماً، أنفق الجمهوريون في مجلس الشيوخ تريليونات الدولارات في الحروب في العراق وأفغانستان. في أوائل عام 2019، عارض الجمهوريون في مجلس الشيوخ بأغلبية ساحقة خطة الرئيس ترامب لسحب القوات الأمريكية من أفغانستان وسورية.
يبدو أن القلق المفاجئ بشأن التكاليف يظهر فقط عندما يكون الجمهوريون معرّضين لخطر سنّ سياسة جيدة، مثل تأمين الحدود أو مساعدة الأمريكيين خلال كارثة اقتصادية. الحقيقة هي أن الجمهوريين في مجلس الشيوخ سوف يهدرون أي مبلغ من المال، طالما أنه لا يفيد الأمريكيين العاديين، تماماً كما سيدعمون أي حرب، طالما أنها ليست في مصلحة أمريكا.
إذن، ما هو الدافع الحقيقي للجمهوريين للتخلّي عن فكرة شعبية، وهي فكرة صادق عليها الرئيس بالفعل، في خضم أزمة اقتصادية وقبل شهرين فقط من الانتخابات الوطنية؟ هناك تفسير مقنع يقدّم نفسه هو أن الجمهوريين في مجلس الشيوخ، أو جزء كبير منهم، يريدون أن يخسر ترامب.
إذا كان هذا صحيحاً، فلن يكون مفاجأة. منذ بداية رئاسة ترامب، وجد الجمهوريون في العاصمة أن فوزه عبء. فجأة، كان يتوقع منهم أن يحكموا فعلياً وأن يفوا ببعض وعودهم، بدلاً من شغل دورهم المفضّل كخاسرين رشيقين يتقاضون أجوراً جيدة في السياسة الأمريكية. كان فراغ الحزب الجمهوري في الكونغرس واضحاً على الفور نظراً للأغلبية في كلا المجلسين، لم يكن لديهم خطة جادة لإصلاح الهجرة، ولا خطة لاستبدال “أوباما كير”.
كما هي الحال دائماً، اختبأ مجلس الشيوخ وراء المماطلة كذريعة لعدم القيام بأي شيء. وبطبيعة الحال، فإن التعطيل هو وهم تشريعي، ويمكن إلغاؤه في أي وقت، وهو بالضبط ما سيفعله الديمقراطيون في المرة القادمة التي يسيطرون فيها على الكونغرس. لكن الجمهوريين لم يفكروا قط في فعل الشيء نفسه، لأن قادة مثل ميتش ماكونيل يحبون التعطيل، إنه يمنحهم ذريعة سهلة لعدم الوفاء بوعود الحملة.
كانت الوعود الوحيدة التي حرصوا على الوفاء بها، بالطبع، هي الوعود نفسها التي حافظوا عليها خلال إدارة بوش، وهي خفض الضرائب لفئة المانحين، وإثارة صراعات خارجية لإبقاء القوات الأمريكية في خطر.
إذا كان ترامب سيفوز في تشرين الثاني المقبل، فعليه أن يفعل ذلك بالطريقة نفسها التي فعلها في عام 2016 من خلال الترشح ضد حزبه. لكن إذا نجح ترامب في الفوز، فلا ينبغي له أن يرتكب الخطأ الذي ارتكبه في عام 2017، وهو محاولة الحكم جنباً إلى جنب مع أولئك الذين يطمحون علانية إلى تخريب أجندته. إن السماح للحزب الجمهوري بالتأثير على إدارته كاد يضيع فترة ولاية الرئيس الأولى بأكملها، لذلك لا يمكن السماح لهم بإفساد شخص آخر.