فكرة بمليارات الليرات؟!
أبسط الأفكار هي الحل والمخرج لأعقد المشاكل، خلاصة ربما لا تكون صحيحة، لكن وبحكم أنها أصبحت واقعاً قائماً مفروضاً، فلا ضير من استثمارها الاستثمار الذي يجعل من عظيم وعميم غرمها، مبرراً لتجاوز ضعيف “جرمها”.
استناداً لذلك، أول ما يتبادر للذهن سؤال حول الكيفية التي يمكن أن نستثمر بها في ظاهرة ما ربما تكون غير سليمة ، لتكون ظاهرة نقطف وازن فوائدها: المالية والتمويلية والاستثمارية، وبالتالي تنموياً، انطلاقاً من كونها واقعاً قائماً، أو من منطلق الضرورات تبيح “المحظورات”، خاصة إن كانت “المحظورات” ليست محظورات فعلاً، لكنها بشكل ومضمون أقرب للتكافل والتضامن..
تكافل وتضامن يكتسب درجة وجوب الترسيخ والتعميم في ظل ما نمر به من أزمات مركبة، تحتاج منا أول ما تحتاج إلى العمل على تفكيكها، وصولاً إلى توظيفها التوظيف المفيد في نتائجه على المجتمع والاقتصاد والتنمية، الأمر الذي يجعل ما نتخذه مباحاً، عرفاً أو شرعاً وقانوناً…
استهلال ضروري لتوضيح ماهية فكرتنا وطرحنا، المبنيين على قرار تعديل تعرفة أجرة النقل الداخلي في المدن.. مثلاً لا حصراً، حين تم تحديد تعرفة أجرة النقل في السرافيس، لعديد من الخطوط، بـ 75 ليرة سورية، لم يتم في المقابل مراعاة توفر النقد من فئة الـ 25 ليرة، الأمر الذي أدى لذهاب هذه الـ 25 ليرة لجيوب خاصة، أي أضحى المواطن يدفع مئة ليرة بحكم الواقع والحال.
على ما سبق، نربط فكرتنا وطرحنا بسؤال، هو: ماذا لو تم تجيير الـ 25 ليرة للخزينة العامة، ومن ثم إنفاق واستثمار إجمالي كتلتها، في تمويل مشاريع تنموية (صغيرة ومتوسطة)، أو منحها بشكل هبات، أو بشكل قروض بفائدة صفرية لأسر الشهداء أو الجرحى وغيرهم، ممن يمتلكون أفكاراً ريادية لمشاريع تنموية مولدة لمطارح وفرص عمل وإنتاج هامة ومحققة. فلو قمنا بحسبة بسيطة، لإجمالي الكتلة المتحصلة يومياً وشهرياً وسنوياً من الـ 25 ليرة، لهالنا الرقم ومبلغه. فإذا افترضنا جدلاً تنقل مليون مواطن، ولمرة واحدة يومياً فقط، تكون الحصيلة اليومية 25 مليون ليرة، علما أن حركة التنقل ذهاباً يعقبها إياب، أي 50 مليون ليرة يومياً، و 1.5 مليار ليرة شهرياً، و 18 مليار ليرة سنوياً!!
قد يتنطح عديدون ويسألون عن الآلية او الإجراء في تحصيل تلك الكتل المالية الضخمة، لتستقر في خزينتا العامة؟! نقول وببساطة: البطاقة الممغنطة، وجهاز في السرفيس، وحركة أبسط تمرير البطاقة بالجهاز.. وإذا ما سأل أحد: وكيف يحصل صاحب السرفيس على “غلته”؟! نقول: البطاقة أيضاً، وحساب جار خاص بهكذا عمليات يمكنه من السحب اليومي أو الأسبوعي أو نصف الشهري والشهري. مثل هذه فكرة، يصح فيها مقولة: “عشرة عصافير بحجر واحد”، ومن أهمها إضافة لما أنف، ضبط تداول النقد الوطني، عبر نظام مصرفي ومؤسسات مصرفية؛ وهنا السؤال المعطوف على ما سبق: هل أنظمتنا المصرفية ومؤسساتها جاهزة لذلك..؟. مرمى الفكرة والطرح، أن تكون “العصافير العشرة” بيدنا كشعب، لا بيد “قناص”؛ فنحن كمواطنين – ونقولها صراحة – نقبل قبولاً تاماً أن يكون مصير الـ 25 ليرة، والمليارات منها، خزينتنا العامة، ونرفض أن تطير لجيوب أشخاص، شرط توظيفها واستثمارها كما ذكرنا. فهل نستوعب ونعمل ونجتهد من خارج الصندوق كما يقال، أم إن مفاتيحه ستظل معلقة حتى تصدأ؟!