في معرض إياد بلال: أغاني الحرب والحب
شهدت صالة صبحي شعيب للفنون التشكيلية بحمص معرضاً للفنان إياد بلال ضم مجموعة من اللوحات وبعض الأعمال النحتية الصغيرة.
وللفنان النحات خبرته الواسعة التي تشهد له مجموعة من النصب والتماثيل الموزّعة في بعض المحافظات السورية منها نصب المجاهد أحمد مريود في القنيطرة وتمثال الشيخ صالح العلي في طرطوس وغيرها من الأعمال التي أنجزت في العديد من الملتقيات النحتية، إضافة إلى عشرات الأعمال الأخرى في ميدان النحت، لكن أن يطل الفنان من خلال معرضه الفردي بمجموعة من الأعمال والرسومات التخطيطية واللوحات التصويرية المنفّذة باللون الأسود بأسلوب يقارب الأعمال الغرافيكية، ربما يحمل جديداً موازياً لهذه التجربة الثرية والواسعة في مجالي الرسم والنحت والتعبير البصري، كما يقارب روحاً إبداعية تنبض بحسها الأدبي والإنساني، فقد استهل معرضه بعنوان “أغاني الحب والحرب” منتصراً على ما فقده من أحبة أهدى معرضه لذكراهم: منيب بلال– والد الفنان – الشاعر مازن بلال – الموسيقي كمال هلال – المسرحي والناقد والموسيقي محمد بري العواني– الكاتب معتصم دالاتي– الفنان التشكيلي محمود الضاهر– النحات محمود الحسن– الفنان بسام جبيلي– الفنان عبد الله خان كما أهدى معرضه إلى الطواقم الطبية السورية ولأفواج الإطفاء وللعشاق في زمن الحرب والفقر والأوبئة والحرائق.
يستبطن المتابع لأعمال إياد بلال مزاجاً خاصاً علوقاً بالأسطورة والتاريخ يجمع بين أماكن متباعدة في الجغرافيا لكنها قريبة بالوجد والحميمية.. هذا الفنان الذي يعيش في أطراف مدينة حمص– الشعيرات- حيث البادية شرقاً بتقشّفها وصراحة الحياة والشمس، هناك وجهة الفنان نحو زنوبيا العظيمة وتدمر يرقب وقوع الضوء على حجارة أعمدتها، فيما تتجه وجهته الثانية نحو ذاك الهواء الندي القادم إلى حمص من الغرب والغابات العالية وبحر طرطوس وعمريت يستعيد صوراً لأشرعة من جابوا هذا البحر وشيّدوا أول أبجديات الحياة والعمران والكتابة والموسيقى على هذه الجغرافيا ومنها يفرد فناننا خارطة خاصة بإحداثيات جديدة تحسباً من فَقْدٍ يمس قلبه.. ربما حريق يصيب شجرة أو موت عصفور في أول الشتاء أو وجه امرأة تنتظر غائب في ذبول جديلتها.
مجموعة من المرتسمات “المورفولوجية” منفذّة على الكرتون وبقياسات متنوّعة كانت جملة معرض إياد بلال التي تحمل في طابعها التراجيدي يوميات الحلم والعاطفة التي يعايشها الفنان الإنسان في زمن تضيق فيه مساحة الأمل وتصلح لأن تكون مشاريع لأعمال روليفية جدارية أو نصب نحتية يأمل الفنان أن ينجزها يوماً ما، متفائلاً في مسعى يجتهد الفنان الطموح مستدرجاً حياة قادمة ينتصر فيها الجمال على القبح والحب على الموت والكراهية.. هنا خلاص هذه الروح المبدعة.. إنه السوري بجدارة.
المعرض مستمر لنهاية هذا الأسبوع وقد شهد افتتاحه حشداً من الجمهور والفنانين الحماصنة في إشارة إلى تعافي هذه المدينة العريقة.
أكسم طلاع