غياب الاستقرار السياسي يزيد صعوبة مكافحة الإرهاب في تونس
أعاد اعتداء نيس، الذي نفّذه تونسي وصل حديثاً إلى فرنسا، طرح سؤال حول مدى مضي تونس في مكافحة الإرهاب خاصة في ظل الصعوبات التي تواجهها السلطات لوضع استراتيجية ملائمة وسط غياب الاستقرار السياسي. ويصعب تحديد ما إذا كان المشتبه به، إبراهيم العويساوي “21 عاماً”، قد خطط للعملية انطلاقاً من تونس أو بعد الوصول إلى أوروبا عبر مسارات الهجرة غير القانونية في منتصف أيلول.
ولا تزال تونس تشهد بين وقت وآخر عمليات إرهابية تستهدف أمنيين، وإنما بنسق أقل مقارنة بعام 2015 الذي شهدت فيه البلاد اعتداءات دامية أسفرت عن مقتل أمنيين وعناصر في الجيش وسيّاح.
ويقول رئيس منظمة اتحاد التونسيين المستقلين من أجل الحريات معز علي: “نعوّل كليّا على المقاربة الأمنية ولا نعطي الأهمية الكافية للمقاربة الوقائية التي ليست في المستوى بعد في تونس”.
ويشير علي إلى أنّ من أسباب تنامي الظاهرة الانقطاع عن التعليم وغياب “تأهيل الأطفال” وسط تنامي مؤشرات العنف في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية حادّة.
وتابع: “لا يمكن أن ننتظر منهم إلا أن يتبعوا الطريق الخطأ، إما ركوب البحر “الهجرة غير القانونية” أو الالتحاق بالتنظيمات الجهادية”، مشدداً على أن الوقاية يجب أن تشمل المدرسة والعائلة والسجون ودور الشباب لتعزيز الشعور بالانتماء المجتمعي.
ويقول رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب منير الكسيكسي: “إذا أردنا مجابهة ذلك، يجب حصر الأسباب”.
وأمام تصاعد الظاهرة، أرست السلطات التونسية الهيئة الوطنية لمكافحة الإرهاب عام 2016 لوضع المخططات الاستراتيجية والتنسيق اللوجستي والاستشاري مع الوزارات، لكن هناك تأخر في إنجاز هذه الاستراتيجية وتنفيذها بسبب غياب الاستقرار السياسي وتتالي الحكومات، وفق الكسيكسي، والذي أوضح أنه إضافة إلى تصاعد خطابات العنف في المجال السياسي عبر وسائل الإعلام، تطورت ظاهرة الانجذاب إلى الأيديولوجيات المتشددة عبر انتشار خطابات الكراهية ضد المسلمين في الخارج، كما انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي مضامين تهدف إلى التطرف.
ويعتبر الباحث في التنظيمات التكفيرية علية العلاّني أن ما يحدث في تونس هو تداعيات “توظيف الدين في السياسة” والتسامح مع الجماعات المتشددة في أعقاب 2011، لافتاً إلى إفلات مروّجي الخطابات الدينية المتشددة من العقاب.
والكثير من منفذي الهجمات الإرهابية سواء في تونس أو في الخارج، من الشباب الذين كبروا، مثل إبراهيم العويساوي، في بيئة تشهد مستويات من العنف والاستهلاك المفرط للمخدرات، ثم حدثت لهم نقلة سريعة نحو الالتزام بالتدين.