ثقافة

بحاجة إلى الدعم النفسي اكتئاب الأطفال.. اضطرابات نفسية ومظاهر سلوكية تعكس تداعيات الواقع

من الأخبار التي انتشرت وتم تداولها مؤخراً على شبكة الأنترنت، تقرير طبي لعلاج الاكتئاب عند الأطفال، حيث يؤكد التقرير على عدم تجاوب وشفاء الأطفال الذين تعرّضوا لصدمات نفسية وعاطفية متتالية قادتهم إلى حالات الاكتئاب والأمراض النفسية، حيث بيّنت الدراسة أن هذه الفئة من الأطفال المعرّضين إلى أكثر من صدمتين متتاليتين، تقل فرص شفائهم بمضادات الاكتئاب والعلاجات الطبية، قياساً بأقرانهم الذين تعرّضوا مرة أو اثنتين على الأكثر لصدمات نفسية، وهذا يعني عدم استجابة وشفاء أطفالنا من مآسي الحرب والظروف القاهرة التي عاشوها أثناء الأزمة، وبالتالي نحن أمام مشاكل نفسية صحية، إضافة إلى تبعات الأزمة الاقتصادية والاجتماعية على أبناء الوطن، فهل نحن مقبلون على جيل مضطرب نفسياً، أم أن الجهات المعنية تمتلك من البرامج التوعوية والصحية ما يقي أطفالنا ومستقبل بلدنا من إرهاصات الأزمة عليهم؟!.
اكتئاب أم فرط نشاط
لا يمضي يوم دون شكوى من أم نوار على تصرفات ابنها العدوانية والعصبية الزائدة تجاه أخيه ورفاقه والسلبية أحياناً أخرى، وهي التي لم تدخر جهداً في إشراكه في نواد رياضية وأنشطة ترفيهية، استناداً لرأي الكثيرين في حصر سلوكية الجيل الجديد بمرض “ضعف تركيز وفرط النشاط “، بالرغم من المحاولات العديدة لضبط تصرفاته وسلوكيته، إلا أنه لم يتفاعل معها بالشكل المطلوب، ونوار حالة من حالات كثيرة يعاني فيها أطفالنا اكتئاباً بسبب الأزمة التي أرخت ظلالها الأمنية حصراً على أبنائنا، فزاد اضطرابهم النفسي بسماع دوي الانفجارات ورؤية مشاهد الموت والدمار وفقدان الأهل أو المنزل الذي يختزن الذكريات الجميلة، ما جعلهم عرضة لأمراض نفسية قد يكون أقلها الاكتئاب.

جهود متضافرة
وباستمرار الأزمة فإن هذه الحالات قابلة للزيادة من خلال تعرض الأطفال بشكل مباشر لأذية نفسية كإصابات الحرب أو موت الأهل أو الأحباء، أو بشكل غير مباشر كرؤية الحوادث المؤلمة والصور على وسائل الإعلام، ومنه بينت وزارة الشؤون أنها تحاول دعم الجميع ببرامج توعية وتثقيف ودعم نفسي، ولكن يصعب تطبيقها على أرض الواقع في ظل الأزمة بوجود مناطق ساخنة، لكن وزارة الشؤون الاجتماعية باعتبارها الجهة المسؤولة عن الشأن الإنساني بذلت جهودها للاتفاق مع الجمعيات الأهلية ذات الصلة، ومنظمة اليونيسيف والهلال الأحمر السوري كجزء من مسؤوليتها تجاه المجتمع، لإيجاد برامج دعم نفسي لكل الأطفال الموجودين في المدارس أو مراكز الإيواء، وقد أكد د. طلال مصطفى “علم اجتماع” على وجود برامج دعم نفسي في الجامعات تستهدف جميع الفئات من طلبة ومدرسين فما بالنا بالأطفال فهم الحلقة الأضعف في المجتمع، وغير قادرين على التكيف الفعلي مع المشاكل النفسية والاجتماعية أو التعبير عنها، فتحدث أثراً كبيراً في نفسيتهم، يساهم في عمقها صعوبة الكشف على أعراضها من قبل الأهل في مراحلها الأولى، فيتجذر المرض ويتجلى بمظاهر سلوكية أو أعراض مرضية يصعب معالجتها.
علامات الاكتئاب
وعرضت لنا الدكتورة جوزفين الجابر، طبيبة أطفال، أهم أعراض الاكتئاب والضيق النفسي، بعضها سلوكي كانسحاب الطفل من أنشطة عائلية أو الأنشطة المسلية التي اعتاد أن يمارسها مع من حوله، والبقاء وحيداً في أكثر الأحيان والبكاء على أتفه الأمور، وقد يحاول إيذاء نفسه، وهنا يجب على الأهل ملاحظة ومراقبة الطفل جيداً، وقد يكون العكس تماماً، فهناك فئة من الأطفال، بحسب رأي د. الجابر، تمارس نشاطات عنيفة وتبالغ فيها، محاولاً الطفل المصاب بالاكتئاب التستر على ضعفه واكتئابه بها، وبعض الأعراض إدراكي كانطوائية الأطفال المكتئبين وحساسيتهم الشديدة تجاه أي توجيه أو نقد، وقد يعاني الطفل من قلة تركيز، ما يؤثر على تحصيله العلمي، وهي حلقة مفرغة تؤكد عليها د. الجابر بأن الاكتئاب يقلل التركيز فيضاعف الإحساس بالفشل واليأس، وهما بدورهما يزيدان الشعور بالضيق والاكتئاب عند الطفل لترافقها تغيرات في الشهية وفقدان وزن ملحوظ واضطرابات بالنوم.

الدعم النفسي
ولوقاية أجيالنا القادمة من تبعات الأزمة النفسية حصراً والتي حذرتنا منها الدراسة باعتبار عدم وجود أمل في استجابتهم للعلاج، لابد أن ننطلق تجاه مجتمعنا وأطفالنا كمجتمع أهلي ووسائل إعلام للعمل معاً يداً بيد، وعلى امتداد مساحة القطر لرصد جميع الحالات، وتوثيقها لدى وزارة الشؤون لمعالجتها، وتقديم كافة طرق الدعم والعمل على مساعدة ودعم الأطفال نفسياً وفكرياً من خلال ندوات في المدارس أو في مراكز الإيواء، والأهم العمل على تأمين بيئة آمنة وسليمة لهؤلاء الأطفال بعيداً عن أسباب الاضطراب النفسي للوصول إلى سد الثغرات في حياتهم، وحمايتهم وإعادة تأهيلهم نفسياً، فهم أملنا ومستقبل بلدنا بين أيديهم.

فاتن شنان