بومبيو يتجاهل مسؤولي النظام التركي في عقر دارهم
لم تفلح التصريحات المتشنجة ولا استعراض قوة الدبلوماسية في ثني وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن القيام بزيارة لإسطنبول وعلى مسافة امتار من مقرات النظام التركي، ولكن مع تجاهل كامل لهم وامتناع عن مقابلتهم.
هذه الزيارة التي تأتي في وقت حرج في العلاقة بين البلدين وعشية انتهاء الانتخابات الرئاسية واحتمالات ترك ترامب وطاقمه البيت الابيض، تؤكد الأزمة التي تتفاقم في العلاقة بين البلدين.
وفي هذا الصدد، أجرى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو زيارة الثلاثاء لإسطنبول تمحورت على “الحرية الدينية” من دون أن تتضمن أي لقاءات مع مسؤولي النظام التركي، رغم تأكيده أنه يريد “اقناعهم” بوقف تحركاتهم “العدائية”.
وبدأ بومبيو زيارته، التي أثار برنامجها انتقادات نظام أردوغان، بلقاء بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس الأول، الزعيم الروحي للكنيسة الارثوذكسية، في مقر البطريركية قبل أن يقوم بجولة في مسجد رستم باشا القريب.
وبرفقة زوجته والسفير الأميركي في أنقرة ديفيد ساترفيلد، التقى بعدها في فندقه بالقاصد الرسولي في تركيا بول راسل.
وكان من المقرر أن تتناول هذه اللقاءات “مسائل دينية في تركيا والمنطقة” على أن يؤكد “الموقف الحازم” للولايات المتحدة حيال هذه المواضيع التي جعلها بومبيو على رأس أولياته في مجال حقوق الإنسان.
وقال مسؤول أميركي لصحافيين “هناك بالتأكيد أمور يمكننا مناقشتها” في مجال الحرية الدينية في تركيا منتقدا ضمنيا أداء تركيا.
وكانت تركيا أثارت موجة انتقادات في العالم عبر تحويلها كاتدرائية آيا صوفيا السابقة، المصنفة ضمن التراث العالمي للبشرية، الى مسجد بعدما جعلتها في السابق متحفاً.
واحتجت مجموعة صغيرة من المتظاهرين بدعوة من جمعية قومية، قرب مقر البطريركية على زيارة بومبيو ورددوا “يانكي (أيها الأميركي)، عد الى بلادك” بحسب مصور لوكالة فرانس برس.
وعبرت خارجية النظام التركي عن امتعاضها من برنامج زيارة بومبيو، زاعمة أن الحرية الدينية “محمية” في تركيا. وقالت: “سيكون من المناسب أكثر للولايات المتحدة أن تنظر في المرآة وتفكر بالعنصرية ومعاداة الاسلام وجرائم الحقد على أراضيها”!.
وتجازف واشنطن بالتالي بفتح جبهة جديدة في حين أن العلاقات الثنائية تعاني اساسا من عدة نقاط خلاف.
وفي غياب لقاءات ثنائية، لن يتمكن بومبيو من أن يناقش مع السلطات التركية الخلافات الكثيرة التي عددها الاثنين في ختام لقاء عقده في باريس مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
وقال لصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية “الرئيس ماكرون وأنا أمضينا الكثير من الوقت في مناقشة تصرفات تركيا الأخيرة واتفقنا على أنها شديدة العدائية”.
واشار خصوصاً إلى “دعم تركيا لأذربيجان” وحقيقة أنّها زرعت مرتزقة سوريين في ناغورني قره باغ، وأضاف: “بحثنا أيضاً في ما تقوم به تركيا في ليبيا حيث أدخلت أيضاً قوات من دول أخرى، وأفعالها في شرق البحر المتوسط، والقائمة تطول”.
وشدّد الوزير الأميركي على أنّ موقف بلاده هو أنّ “تدويل هذه الصراعات مؤذٍ ويضرّ بكل الدول المعنية، لذلك طالبنا كلّ الدول بوقف تدخّلها في ليبيا، وأضاف “الشيء نفسه في أذربيجان” حيث إنّ “الاستخدام المتزايد للقدرات العسكرية التركية يقلقنا”، واعتبر أنّه “يجب على أوروبا والولايات المتحدة العمل معاً لإقناع أردوغان بأنّ مثل هذه الأعمال لا تصبّ في مصلحة شعبه”.