فلسفة الدوري تطغى على مباراة القمة بين الوحدة وتشرين
تعيد مباراة أمس السبت بين تشرين ومضيفه الوحدة إلى الأذهان صورة الدوري المترسّخة في عقول الجماهير، تلك الصورة المتمثّلة في أن الدوري المحلي دون المستوى المطلوب، وجودة الملاعب لا ترتقي للعب كرة القدم.
مباراة القمة بين تشرين والوحدة دليل آخر على تدني مستوى بطولة الدوري بشكل عام، ورغم فوز الأخير بهدفين، إلا أن المتابع يعي تماماً أن الفريقين افتقدا براعة الانتقال السليم والخروج التدريجي بالكرة من لاعبي الدفاع والوسط، ثم إمداد المهاجمين بها، واللعب على المساحات وتغطيتها، وتغيير وجهة اللعب عند الحاجة، ناهيكم عن عدم الاستفادة من الارتداد السريع، والقيام بهجوم عكسي تحكمه السرعة والتمريرات القصيرة ثم الطويلة، وعدم وضوح الأدوار الدفاعية للاعبي وسط الدفاع، أو الهجومية لصناع اللعب، والاعتماد المبالغ به على العرضيات التي غالباً ما تنتهي بترويض الحارس للكرة.
المباراة أكدت استمرار أحد عيوب الدوري المتمثّلة بكسر اللاعبين للرتم العالي إذا ما حصل من خلال إضاعة الوقت والنقاش المطول مع الحكام، وحالات “النرفزة” بين اللاعبين، والمشادات الكلامية في حال كان أحد الطرفين متخلفاً بالنتيجة، وهي أمور باتت مكررة ومملة إلى حد ما بالنسبة للجمهور الرياضي.
عندما نتحدث عن دوري ممتاز وقمة مباريات الجولة لا يمكن أن تكون أرضية ملعب تشرين الحاضنة للمباراة على هذا الشكل من الرداءة وعدم الجودة، حيث إن الأرضية أثرت بشكل واضح على اللاعبين، وبالتالي تقديم كرة قدم مناسبة، ومازال ملعب تشرين بعيداً عن الجاهزية الفنية رغم وعود إصلاحه، إضافة إلى ضرورة زيادة المسعفين، وتسهيل وصولهم إلى المدرجات، حيث تعذر حضور رجال الإسعاف إلى المدرج الخاص بمشجعي نادي تشرين، وعدم قدرتهم على حمل أحد المصابين، الأمر الذي أدى إلى تأخير عملية إسعافه عدة دقائق.
ولعل الإيجابية الأبرز في اللقاء كانت هدير الجماهير، أو تلك الأجواء الصاخبة التي صنعها المشجعون أنفسهم على المدرجات بعيداً عن المستوى المقدم على أرضية الملعب، فأداء اللاعبين في الدوري الممتاز أقرب إلى المتوسط منه إلى العالي، والضغط على المنافس، وإيجاد الثغرات، والاختراق من العمق، لتتحول المباراة فعلياً إلى المدرجات وما يقدمه الجمهور من استعراض فني وهتاف التشجيع، ليكون تمني الجماهير أن يلتزم اللاعبون قدر الإمكان بالتعليمات التكتيكية لتتوضح معالم أدوارهم بالنسبة إلى المتابع، ومن الضروري الابتعاد عن إضاعة الوقت وصرفه في مناقشات لا طائل منها مع الحكام.
تبقى الحالة التي قدمها جمهورا الناديين بمثابة انبلاج الفجر من جنح الليل رغم محاولات البعض إثارة الخلافات، وتصفيق جمهور تشرين للاعبيه بعد الخسارة، واحترامه لمجهوداتهم، تبشر بأن الجمهور الرياضي بات يقبل فكرة أن فريقه معرّض للفوز والخسارة في ظروف طبيعية لا يكون للحكم ضلع في تعثر ناديه.
محمد ديب بظت