بعد انتظار عقيم لـ 13 عاماً.. لجنة لإعداد مشروع قانون يحفز تحول الشركات لمساهمة عامة
دمشق – ريم ربيع
أكثر من 13 سنة مضت على إصدار المرسوم 61 المتعلق بتحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة – والذي استمر من 2008 إلى 2011- دون أن تستفيد منه ولا حتى شركة واحدة، فالبعض يلوم ثغرات المرسوم والبعض الآخر يلوم غياب الرقابة عن باقي أنواع الشركات، مما يجعل سهولة التهرب الضريبي والتأميني فيها أمراً لا يُعوّض.! وكلا السببين جعلا سورية حتى اليوم فقيرة بشركاتها المساهمة مقارنة بدول الجوار والعالم رغم حاجة الاقتصاد اليوم لهذا النوع من الشركات.
جذب
لا تقتصر أهمية التحول إلى شركات مساهمة عامة على تحسين العائدات الضريبية واستمرارية الشركة وفصل الملكية عن الإدارة وحسب، بل لعل قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية في مقدمة المميزات، خاصة عند الحديث عن صغار المستثمرين، أو المدخرات الصغيرة التي يمكن جذبها للاستثمار في هذا النوع من الشركات بدلاً من استغلالها من قبل شركات وهمية، ورغم ذلك لم نشهد أي زيادة في عدد الشركات المساهمة التي مازالت لم تتعدى 53 شركة جزء منها خارج العمل وجزء آخر لم يستوف شروط الإدراج في سوق دمشق للأوراق المالية، وبذلك أدرج في السوق 27 شركة فقط وهي (14 مصارف و6 تأمين و2 اتصالات و2 خدمات و1 زراعة و2 صناعة).
حصة أجنبية
وبحسب بيانات سوق دمشق للأوراق المالية فإن حصة الأجانب في رأسمال الشركات المساهمة العامة هي 0.12% في قطاع الخدمات و1% في قطاع الزراعة و65% في قطاع الصناعة و27% في قطاع التأمين و48% في قطاع المصارف و43% في الاتصالات، فيما بلغت القيمة السوقية للشركات المدرجة 1061 مليار ليرة.
حاجة
لم يعد الحديث عن تحول الشركات إلى مساهمة عامة مجرد ترف اقتصادي بل بات اليوم حاجة وضرورة برأي المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية د. عبد الرزق قاسم، خاصةً وأن الكثير من الشركات العائلية تعرضت خلال الحرب للسرقة والتخريب، وأصحابها اليوم لا يملكون القدرة لإعادة ترميمها وتشغيلها، فضلاً عن ضعف موارد القطاع المصرفي وغياب الضوابط المنتظمة، فالضرورة الاقتصادية لإقلاع هذه الشركات تتطلب أن يكون فيها شركاء عبر تحويلها لمساهمة عامة وطرح أسهمها للاكتتاب العام وبالتالي الحصول على مصادر تمويل وإعادة إقلاع المشروع.
خلل تشريعي
وبيّن قاسم أن الإشكالية تكمن في التشريعات التي تحكم عمليات التحويل، فالقانون يفترض أن أصول الشركة ستخضع لعملية إعادة تقييم، وبالتالي ستظهر قيم تفوق القيم الدفترية المقدمة فيها أضعاف مضاعفة، وهذه الفروق تعد مالياً أرباح رأسمالية أي سيدفع صاحب الشركة عليها ضريبة 21% وبالتالي مبالغ كبيرة هو بالأساس لا يملك سيولة لدفعها، وفي هذا السياق كشف قاسم عن تشكيل لجنة برئاسة معاون وزير المالية في بداية الشهر الماضي مهمتها إعداد مشروع قانون يشجع على تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة من خلال بعض المزايا التي سوف يتم منحها عند إجراء عملية التحويل، وتضم اللجنة ممثلين عن كل من هيئة الضرائب والرسوم وهيئة الأوراق والأسواق المالية السورية وسوق دمشق للأوراق المالية ونقابة المهن المالية والمحاسبية، وقد حدد نص قرار التشكيل مدة شهرين لإنجاز مسودة تعديل القانون.
غياب العدالة
من ناحية أخرى فإن تقييم الأصول المعنوية أيضاً يشكل أحد أسباب امتناع الشركات عن التحول للمساهمة، فبعض المنشآت العائلية لديها سمعة قديمة ويحق لصاحب الشركة أن يحصّل ثمن هذه الشهرة، وهو أمر يحتاج نص قانوني يسمح بالاعتراف بها ويضع ضوابط لإعادة تقويمها بحيث يسمح لصاحب الشركة تقييم أصولها ولكن بدون أن يستغلها بأساليب أخرى، ونوّه قاسم إلى غياب العدالة الضريبية بين الشركة المساهمة والأشكال القانونية الأخرى لشركات الأعمال الناجمة عن عدم الدقة والعدالة في تطبيق قانون ضريبة الدخل، فالقانون الضريبي يتيح لباقي الأشكال القانونية دفع ضرائب أقل وبذلك تفضّل البقاء على شكلها القانوني الحالي.
اقتصاد منظم
وفي المقارنة بين الشركات العائلية وشركات المساهمة العامة أكد قاسم أن الهدف ليس منع الشركات العائلية، بل على العكس، فإن القطاع العائلي عالمياً يشكل جزءاً هاماً من اقتصاديات الدول المتطورة، وهو حتى الآن النسبة الأكبر في الأشكال القانونية للشركات في جميع الدول، موضحاً أن التوجه لوضع محفزات للمنظمين الاقتصاديين أو المستثمرين، بحيث نشجعهم على تكوين الشركات المساهمة، فهي في النهاية اقتصاد منظم وكل بياناتها تتسم بالشفافية وأدائها ونتائج أعمالها معروضة للعلن، فيما يوجد إخفاء لجزء من الأعمال في القطاع العائلي، كما أن الشركة المساهمة فيها فصل بين الملكية والإدارة التي تخضع لمدراء تنفيذيين ليس لهم علاقة بالملاك، وبالتالي ينشأ طبقة من المهنيين والاختصاصيين بعيداً عن شخصنة العمل.