التكافؤ الزوجي.. توافق متعدد الجوانب ومعادلة حياتية تتوازن بالوعي
“زوجي متعلّم ومثقف، لكن أعتقد أن شهادته زادته قسوةً وعنفاً، فلا يسمح لي بالتحدث أو النقاش مع أحد بوجوده، وينعتني بالغبية أو ذات التفكير السطحي، والتفاهم بيننا معدوم، فهو لا يفصل بين علاقتنا الشخصية وبين مستوانا التعليمي”. هكذا وصفت السيدة رؤى علاقتها بزوجها، في حين يعتقد سامر (حاصل على إجازة في الحقوق) أن الرجل حتى وإن كان جاهلاً فبالتأكيد في قرارة نفسه سينجذب للمرأة المثقفة وسيتأثر بها، ويرغب بالارتباط بها، ويقول سامر: “عندما تكون شريكة حياتك واثقة من نفسها وصاحبة فكر ستساعدك وترتقي بعائلتك للأفضل، لذلك أنا متفاهم مع زوجتي واحترمها وأقدّر كونها بذلت جهوداً لتصبح على ماهي عليه الآن، وبالنسبة لي أرى أن التقارب في المستوى الثقافي مهمّ جداً وشرط أساسي لاستمرار الزواج”.
مراد (صاحب محل أدوات كهربائية) حاصل على الشهادة الإعدادية، يعتبر أن الثقافة أو العلم للمرأة شيء ثانوي ولا يمكنه أن يحسن حياتها، ويقول: “برأيي لا يوجد اختلاف بين امرأة متعلّمة وأخرى غير متعلمة، كل ما يهمّ الرجل أن ينعم بحياة خالية من المشكلات وهذا ما أرغب به”.
فرق كبير
شهد (حاصلة على إجازة بالصيدلة) متزوجة من محمد الحاصل على الشهادة الثانوية، ولكنها لا تعمل بناءً على رغبة زوجها، فتقول: “ندمت على قراري، وأظنّ أنني استعجلت، فهناك فرق بين تفكيري وتفكير زوجي، وعلاقتنا دائماً متوترة وتؤثر على أطفالنا فهو لا يحترمني إطلاقاً”. وكان لمحمد رأي مختلف بالقول: “أظن أن المرأة المتعلمة متطلبة جداً، ودائماً ترغب بالمزيد، وهذا ما يشكّل خوفاً لديّ وصعوبة بالتفاهم معها، على الرغم من أني حاصل على شهادة جامعية، إلا أنني لا أميل للمرأة المثقفة، ومستقبلاً لا أعتقد أن هذه الشيء سيؤثر على قراري”.
الأمر الواقع
لبنى (حاصلة على الشهادة الإعدادية) تقول: إذا تحدثنا بمصداقية وبالأمر الواقع، فالشهادة للمرأة لا تغيّر من نمط حياتها كزوجة أولاً وأم ثانياً، بالنسبة لي أقضي نهاري بتنظيف المنزل والاعتناء بالأطفال، على الرغم من أن زوجي متعلّم إلا أنني لا أجد فروقات بيننا.
من جهتها تعبّر آلاء عن هذا الموضوع قائلة: لا أرى أن الفارق التعليمي مشكلة إطلاقاً، الأمر يرتبط بطريقة تفكير الزوجين ومدى انسجامهما معاً، هناك الكثير من العائلات المتفاهمة على الرغم من وجود اختلاف واضح بالمستوى التعليمي.
كلمة فصل
لا شك أن أبرز ما يميّز مجتمعنا التزامه بالمبادئ والقيم السليمة، والروابط الأسرية المتماسكة، لذلك تعدّ منظومة الزواج الحجر الأساس لبناء مجتمع متماسك ومتين قائم على التفاهم والوعي والإدراك، وفي ظل التطورات والتبدلات الاجتماعية والنفسية والعلمية يقع عاتق المسؤولية الأكبر على الأفراد لاختيار الشريك المناسب.
المحامي عز الدين الحميري بيّن أهمية الكفاءة بين الزوجين بالقول: “يشترط وجودالكفاءة بستة محدّدات أهمها: النسب، الحرية، المال، والحرفة، ولكن مع تطور الحياة والتقدم العلمي والتكنولوجي ظهرت الكفاءة العلمية والمستوى الثقافي، حيث باتت الشهادة العلمية والتحصيل الدراسي مطلباً وشرطاً أساسياً للارتباط عند الكثيرين، وأغلب العائلات السورية ترغب بالشاب أو الفتاة المثقفة، وذلك من أجل بناء أسرة متعلمة مثقفة تساهم في بناء المجتمع والنهوض به”.
وأشار الحميري إلى أن حالات الطلاق من هذا النوع فردية وتحصل عندما يرفض أحد الزوجين واقعه ويتمرّد عليه، فيكون الخلاف الأساسي ليس بالمستوى الثقافي بل يرجع للتربية والأخلاق الأسرية التي تربى عليها كل إنسان، فحين يرضى كل طرف بالآخر ويعتبره كفؤاً تتلاشى الخلافات، وهذا النوع من الطلاق مثله مثل حالات الطلاق للشقاق أو لعدم الاتفاق والخلافات بالمجمل التي ظهرت في السنوات الأخيرة نظراً للظروف التي يمرّ بها الكثير من الناس. وأكد الحميري ضرورة الاتفاق بين الشريكين في بداية الزواج، وحين يرضى الشريكان بذلك يكونان قد أسقطا حقهما في الاعتراض أو الرفض فيما لو تغيّر المركز العلمي أو الثقافي لأيّ منهما، على الرغم من كون الشهادة أو المستوى العلمي ليست مقياساً يُبنى عليه الزواج، رغم ضرورته.
فك العقدة
بالتأكيد المشكلات والخلافات بين الأزواج أمر صحيّ، ولابد منها لتدعيم العلاقة الزوجية والوصول إلى مرحلة الإدراك والفهم الكامل للشريك، لكن بعض الخلافات تطفئ وهج العلاقة الزوجية المبنية على الاحترام والودّ والحب، بغضّ النظر عن ثقافة الشريك أو مستواه التعليمي.
تقول رفيف سعده الاختصاصية بالإرشاد النفسي: الفارق الثقافي أو التعليمي عامل مؤثر، لكن فقط عند غياب الوعي بين الشريكين، وعند وجود التفاهم والوعي نستطيع الحدّ من تأثير الفارق التعليمي، وهناك أمثلة كثيرة، حيث هناك أطباء متزوجون من طبيبات وعلاقتهم فاشلة على الرغم من مستواهم العلمي والثقافي. وتؤكد سعده على ضرورة معرفة كل شريك بحقوقه وواجباته، وطريقة التعامل المثلى مع الشريك، وهنا تتلاشى الفروقات ويبقى الحوار سيد الموقف، وبالنتيجة لا يتحوّل الاختلاف إلى خلاف، وعند تعاملي مع مثل هذا النوع من المشكلات أحاول تكريس هذه المفاهيم لدى الزوجين.
معادلة اجتماعية
لا شك أن الزواج ليس مجرد خاتم أو حفلة فقط، بل مشروع أبدي يحوطه التفاهم والاحترام والحب والمودة، وتقبل الشريك ودعمه والفرح بنجاحاته.
يارا شاهين