“اليوم المنسي”!
أدرجت الحكومة قبل سنوات ضمن برامج ومواعيد الوزراء الأسبوعية والمحافظين والمدراء مساحة لا تقلّ عن يوم عمل واحد للقاء المواطن العادي، “أي من لا يصنّف ضمن خانة ضيف أو مسؤول أو قريب وصديق وصاحب حظوة”، في مبادرة نوعية حاولت السلطة التنفيذية من خلالها الاقتراب أكثر من الشارع التقليدي، والاحتكاك بهموم ومواجع الناس، بعيداً عن الحلقات الوسيطة وروتين الطلبات المؤرشفة ودواوين الوزارات التي امتطت البيروقراطية والمحسوبيات وتقاذف المسؤوليات.
لوهلة يبدو التوجّه “أكابرياً” وإصلاحياً تجاه نوعية العلاقة بين الوزير بقلمه الأخضر الجاهز لحلّ القضايا وتلبية الطلبات وتسوية الشكاوى، وبين الرعية التي ضجرت من الوقوف على أبواب الجهات وتسوّل لقاء مدراء المكاتب على الأقل، إلا أن الزمن قزّم المبادرة، وتراجع الزخم لمجرد دعاية إعلامية تلهث المكاتب الصحفية لبثها عبر وسائل الإعلام للترويج للمسؤول على أن لقاءه بعدد منتقى من المنتظرين إنجاز تاريخي حريّ بالصحافة أن تتداوله وتضيفه إلى رصيد الأعمال المنتجة؟!.
مؤخراً أصبح اليوم الأسبوعي للقاء المواطنين من المنسيات، ولم يعد ضمن حسابات وأولويات الوزراء والمدراء، وإن حصل فهو لناس وناس، مختارين من قبل البواب والحاشية والسكرتيرة والآذن الذين يستغلون المناسبة للمتاجرة بطلبات المواطنين، وباتوا يعيثون فساداً في يوم المحتاجين؟. اليوم ثمة قناعة أن يوم لقاء المواطن لن يدوم بحكم التجربة التي أثبتت إفشالاً متعمداً لأهم بند في نشاط صاحب القرار، والأدلة حاضرة هذه الأيام في أن من يعتلي كرسي المسؤولية يسارع لتطبيق توجيه الحكومة بتخصيص يوم للمواطن وشكاويهم، رغم اليقين بعدم ديمومة الأمر بسبب الانشغال وضغط الوقت وتزاحم الأضابير والملفات؟ واللقاء ككل سيتحوّل فيما بعد إلى المعاونين والدوائر المتخصّصة التي ستقوم بالمهمة كما يحصل في أغلب الوزارات والمؤسسات!!.
بكل الأحوال ننصح المواطن وبحكم الخبرة هذه المرة بالاستعجال في استثمار “حماوة دم المسؤولين”، فاليوم الأسبوعي لن يكون قائماً بعد حين لأن معاليهم سيكونون مشغولين كثيراً بعد حين، إلا إذا جاء التوجيه من رئاسة الوزراء بالتفعيل وحسن التطبيق، حينها سيكون الموسم حامي الوطيس مع بدء العام الجديد.
علي بلال قاسم