الشخصية القيادية.. ضرورة ملحة لنجاح العمل وسمات خاصة لتعزيز الحضور!
كثيراً ما نميز في كافة مجالات الحياة بين المدير الجيد، أو المدير العادي، أو حتى الفاشل، وبين صاحب الشخصية القيادية الذي يقود مرؤوسيه، أو حتى زملائه نحو العمل الناجح، والمبدع، فوجود هذا الشخص يعد ضرورة في كل المؤسسات مهما كان نوعها، وبنفس الوقت تعطي هذه الشخصية العديد من المميزات المفيدة لصاحبها إن حافظ على ميزاتها بشكل عقلاني.
قدرات هائلة
علي محمد مدرب تنمية بشرية رأى أن أهم مميزات الشخص القيادي هي الشجاعة عموماً، وفي التعبير عن الرأي بشكل خاص، والمبادرة لتقديم الأفكار المبدعة، وتوجيه الآخرين نحو تنفيذها، ونحو العمل الصحيح، وقدرته على قيادة فرق العمل نحو هدفها بدقة، واقتراح المشاريع المميزة، ونصح محمد الأهل بالتركيز على تربية الطفل على الشجاعة منذ الصغر، والحرص على عدم السماح له بالظهور بمظهر الخجل، أو الاختباء وراء الأهل لتنمية هذه الخصلة لديه، ولكن بنفس الوقت يجب التنويه إلى أن هناك شخصيات إدارية بالفطرة يمكن أن تقود، أو تتعلم على الإدارة بسهولة، وعلى النقيض هناك شخصيات لا إدارية بالفطرة، ولن تكون قادرة على القيادة مهما تلقت من التدريب والتأهيل، ومن ميزات الشخص القيادي أيضاً الجدية في الاستفادة من كل وقته في تثقيف وتنمية نفسه، وتطوير مهاراته، وتنويعها، وارتفاع طاقة الحياة، والنشاط لديه، وهو على الصعيد الاجتماعي فهو شخص صاحب هيبة، وحضور مميز حيث يجتمع الآخرين حوله بسرعة فور دخوله إلى معظم الأماكن، ويفرض احترامه على الجميع، كما يتمتع بالثقة العالية بالنفس التي تكسبه الثبات الشديد في أقسى المواقف، ويبتعد عن الاعتماد على الآخرين، أو انتظار أية مساعدات، أو مواقف منهم، وبذلك لا يخشى من سيطرتهم عليه، وكما نعلم فإن أصحاب الشخصيات القيادية ليسوا عاديين، وإنما هم في الغالب من الأشخاص الذين غيروا مجرى التاريخ، ومصير الدول، والشعوب، وليس من السهل حذفهم من الذاكرة الإنسانية حتى لو مرت السنون على وفاتهم.
سلبيات
وتابع محمد على أصحاب الشخصيات القيادية الانتباه إلى كثير من النقاط حتى لا يقعوا في مطب عدم الاتزان، فعلى سبيل العمل فإن القائد حتى يكون ناجحاً يجب أن يكون قائداً إدارياً، فلا يكفي أن يكون لديه أتباع بل يجب أن يكون قادراً على إدارتهم بالشكل الصحيح، ويجب أن يقوم المدير برفع درجة حماس المجموعة التي يديرها لتأدية عملهم على أكمل وجه، ورفع درجة شغفهم عند تنفيذ أي مهمة عمل جديدة، كما أن الشخصية القيادية عموماً هي شخصية إيجابية، وهامة على كافة الأصعدة ولكن سلبيتها الكبرى تكمن حيث يظهر عليها الغضب، والقسوة، والتعنت في الرأي، وإبداء تصريحات غير متوازنة، وغير مدروسة، وكمثال عليها تصريحات ترامب اللاعقلانية تجاه أزمة الكورونا فتارة كان يريد الجميع أن ينزلوا للعمل دون التقيد بالحجر، وتارة يريد حقنهم بالديتول رغم آلاف الوفيات، فالمهم لديه هو عدم خسارة الصفقة، فالجميع في نظره صفقة تكون إما رابحة، أو خاسرة، ومن السلبيات أيضاً التعنت بالرأي وصعوبة الاقتناع بأفكار الآخرين حتى لو كانت صحيحة، بل والتسلط، وتطبيق عكسها أحياناً دون مبرر، وعدم نسيان أخطاء الآخرين تجاهه حيث يحاول الرد على ما اقترفوه بحقه مهما طال الزمن، وسواء بشكل مباشر، أو عن طريق أشخاص تابعين له، كما أنه شخص قليل العواطف، والمديح، وهنا على سبيل المثال تلاحظ الزوجة أن زوجها صاحب الشخصية القيادية لا يبلي أي انتباه لما قد تقوم به من تغييرات في مظهرها، أو في المنزل، أو لما تقوم به من أعمال تجاهه، كما أنه قد يكره العمل الجماعي، ويحب أن يعمل بنفسه دون أية ثقة بالآخرين، أو قد يحكم على الآخرين من خلال حدسه لا من خلال عقله، وهذا الأمر قد يشكل مصيبة، ويعبر عن طغيان القلب على العقل في الحكم على الآخرين دون إعطائهم فرص أخرى لإصلاح صورتهم في مخيلته.
سمات ضرورية
فاتن نظام، أخصائية اجتماعية، ومدربة تنمية بشرية، وعلاقات عامة أوضحت أن الشخصية القيادية، وحتى تكون جديرة بهذه التسمية يجب أن تتحلى بسمات معينة فالمتمتع بالشخصية القيادية يجب أن يدرك ألأهداف العامة لما هو مسؤول عن قيادته، وله يجب أن تكون له القدرة على البحث، والتنقيب، وجمع المعلومات المتفقة مع حاجة منصبه، ولديه من المهارات، والتجارب، والخبرات الإنجازية ما يساعده في سير العمل مع من يقودهم، وأن يتحلى بالقدرة على ضبط النفس، والنضج الإنفعالي، وباعتباره شخصا حاضر البديهة، وسريع الفهم، فيجب أن تكون له القدرة على اكتساب المؤهلات التي تساعده على النجاح في إدارة مؤسسته، وأن يمتلك القدرة الفائقة على المحاججة والإقناع، وهذا كله يتطلب شخص يتميز بصحة نفسية عالية دون وجود أية إعتلالات لديه، أو نقاط ضعف في شخصيته، ويتمتع الشخص القيادي الحقيقي باللباقة، وحسن التعبير في حديثه، كما يتميز بالذكاء الاجتماعي العالي، وقدرته على اكتشاف نفسيات الآخرين بسهولة منذ بداية تعامله معهم، ويتحلى بديمقراطية كبيرة، وهو بعيد كل البعد عن الفوضوية، أو التزمت، والصرامة، وهو قادر على وضع الخطط الواضحة، والممكنة التطبيق، والمتجانسة مع الإمكانية، ويشكل دائماً قدوة حسنة لمن يقودهم نظراً لما يتحلى به من الأخلاق العالية، والصفات الفكرية الثاقبة، والضرورية، كما أنه يهتم دائماً بالنظافة، وحسن المظهر، ويتحلى بالمرح، والدعابة بشكل منطقي، ودائماً يتخذ القرارات الصائبة، ويعمل على حل ما يعترضه من المشاكل بأقصى سرعة، وأقل تكاليف، وهو قادر دائماً على اختيار فريق مناسب لمساعدته, وتعيين أشخاص مناسبين للمهام، وتوزيع المهام، و الأعمال على عناصره بحكمة، ويمتاز أيضاً باحترام ذاته، و مكانته فلا تهمه الأقوال، أو الإشاعات، ولا يبني قناعته على ما ينقل له من معلومات دون التثبت من صحتها موضوعياً، ويلتزم دائماً بالقيم الاجتماعية، والعادات الإيجابية، كما أن لديه قدرة رهيبة على الانتظام في العمل مهما كانت الظروف.
بشار محي الدين المحمد