المشاريع الكبيرة خارج مظلة التمويل.. و”الاقتصاد” تعدل الحد الأعلى لقيم الموجودات والمبيعات
دمشق – فاتن شنان
لا تزال المصارف العامة في حالة ترقّب لصدور قرار تعديل المعايير الخاصة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، إذ شكّلت “المعايير” عائقاً في مسار انسياب التمويل باتجاه المشاريع الراغبة به، كون قرار استئناف المنح الصادر عن المصرف المركزي حدّد سقف التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بـ500 مليون ليرة، مما ساهم بحجب التمويل عن تلك المشاريع نتيجة التضخم الحاصل خلال الأعوام الأخيرة التي ضاعفت قيمة الموجودات والمبيعات، والتي تعتبر الأس الذي تمّ الاعتماد عليه لوضع التعريف والمعايير لتصنيف المشاريع. لكن وعلى الرغم من اتساع رقعة تلك المشاريع وتصدّرها في أولوية المنح والتمويل، إلا أن القرار استثنى المشاريع الكبيرة التي بقيت خارج إطار التمويل، وبالتالي فإن انتظار التعديلات المرتقب صدورها قد يعالج ما نسبته 50% من إشكاليات التمويل فقط، كون المشاريع الكبيرة تمثل توظيفاً آمناً وجاذباً للمصرف، لذلك وبحسب آراء بعض المصرفيين يبدو أن إعادة دراسة القرار كاملاً وفتح باب التمويل لكافة المشاريع ضمن محدّدات واشتراطات جازمة قد تكون أنجع من تعديلات جزئية تطال بعض بنوده.
معالجة آنية
يرى بعض المصرفيين أن آلية التخطيط المتّبعة في إنعاش مسار التمويل وُسمت خلال الفترة الماضية بقرارات عشوائية غير مدروسة من كافة الجوانب، إذ تغلب على قرارات السياسة النقدية والمصرفية صفة المعالجة الآنية أو اللحظية، ما يشي بغياب خطة اقتصادية مدروسة ضرورية للتأسيس لمرحلة إعادة الإعمار، إذ تعالج مرحلة أو إشكالية طارئة بحدّ ذاتها دون النظر لما يليها من مراحل، بالتوازي مع هدر الكثير من الوقت لصدور أي تعديل.
بُعد نظر
وفي هذا السياق بيّن مدير مصرفي في المصرف التجاري أن قرار استئناف التمويل رغم صدوره فوّت الفرص التمويلية على المصارف ما يقارب ستة أشهر، بالتوازي مع إشكالية لا تقلّ أهمية عن تعديل المعايير، هي اقتصار التمويل على المشاريع الصغيرة والمتوسطة دون الكبيرة والتي تشكل باستثنائها عرقلة توازي الـ 50% من التمويل المصرفي، إذ إن العمل بموجب القرار يحرم مشاريع قائمة أو قيد التأسيس، وهي مشاريع نوعية ولها أهميتها النسبية مستقبلاً كمشاريع الطاقة البديلة والصناعات التحويلية وتدوير النفايات، من التمويل في حال حاجتها للسيولة النقدية، وبالتالي فإن صدور قرار التعديل المرتقب يكفل حلّ جزء من الإشكالية، غير أن الواقع يفترض إعداد خطة اقتصادية شاملة تُبنى على أسس وقرارات شاملة وتطبيقها بالشكل الأمثل، لأننا مقبلون على مرحلة قادمة لها متطلبات خاصة وتحتاج إلى إدارة مختلفة فكراً ومنهجاً، ولاسيما في قطاع التمويل كونه القطاع الضامن والجاذب للاستثمارات، والابتعاد عن العمل بفكر معالجة تلقي الصدمات وانتظار حدوث الأزمات.
تعديل القيم..
ويبدو أن المعالجة -بحسب رأي المصارف- تبدأ بفك ارتباط التمويل بشكل عام عن حجم الموجودات أو المبيعات السنوية التي تقيّد كافة المشاريع، كونها تتأثر بالتضخم الحاصل وعدم ثبات سعر القطع الأجنبي بشكل مباشر، واعتماد معايير مرنة للتمويل تجنباً لعرقلته مرة أخرى، ويعاد النظر بها سنوياً حسب متطلبات الظروف الاقتصادية، في حين كشفت معاون وزير الاقتصاد رانيا أحمد أن التعديلات لم تطل ارتباط التمويل بحجم الموجودات، كونه أساساً مهماً لتصنيف المشاريع، إنما تمّ إعادة النظر بشكل عام بتعريف المشاريع الصغيرة والمتوسطة نتيجة انخفاض العملة المحلية، وتعديل قيمة حجم الموجودات والمبيعات السنوية الخاصة بالمشاريع، لتصبح منسجمة مع معدلات التضخم الحاصل خلال الأعوام الأخيرة، منوهة بأن التعديل جاء من مبدأ العمل بموضوعية ووفقاً لوجهة نظر اقتصادية وليس نتيجة لقرار المصرف المركزي فقط، وتتضمن المذكرة العديد من التفصيلات التي تخصّ المعايير، منها رفع الحدّ الأعلى لقيم الموجودات والمبيعات، وتمّ عرضها على رئاسة مجلس الوزراء، متوقعةً صدورها خلال الأسبوع القادم، أما ما يخصّ شمول القرار للمشاريع الكبيرة فإن الكرة بملعب وزارة المالية والمصرف المركزي وهما الجهة المعنية بذلك الاقتراح أو التعديل.