اللجنة الدستورية: هل تضيع الفرصة من جديد؟!
أحمد حسن
قبيل انطلاق أعمال الجلسة الثالثة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية دعا المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسون، إلى عدم توقّع “معجزة” أو “نقطة تحوّل” ما من الاجتماع حينها. دعوة الرجل السابقة ما زالت تبدو صالحة اليوم، بل تبدو أكثر راهنية، بالتوازي مع انطلاق أعمال الجلسة الخامسة للجنة ذاتها.
السبب بسيط للغاية، فـ “اللجنة”، التي تتكون من ثلاثة أطراف متساوية العدد، لا تزال تلاحقها لعنة الخطيئة المؤسّسة. اللعنة ببساطة تتمثّل بتبعية طرف كامل منها – وجزء معتبر من طرف ثان – إلى الدول التي رعته وشكّلته وموّلته لتنفيذ سياستها القائمة على استكمال احتلالها الجغرافي – بصورة مباشرة أو غير مباشرة – لأرض سورية، و / أو استبداله في حال الحلّ السلمي الشامل، باحتلال سياسي للدستور السوري العتيد يضمن هدف “الاركاع والاستتباع”.
الجديد في الأمر أن خلاف هذه الدول القديم بين بعضها البعض على “الصيدة” – كما وصفها أحد “كبارهم” سابقاً – تزامن هذه المرة مع بروز متغيرات إقليمية ودولية عدّة، أهمها رحيل ترامب وقدوم إدارة أمريكية جديدة، وبالتالي ضرورة التسابق على تجميع أوراق الاعتماد اللازمة لإثبات الفاعلية في خدمتها، انعكس، بصورة طبيعية وآلية، خلافاً في مكوّنات الطرف التابع لها في اللجنة، فأُبعد أشخاصاً وأحل مكانهم آخرين بهدف إضعاف فريق معين وبالتالي الدولة التي تقف خلفه، وهذا ما دفع بالبعض إلى الشكوى والتحذير.. والتفرّق “أيدي سبأ”، حسب المثل العربي الشهير، كلّ بحسب ارتباطاته ومربط خيله المالي والسياسي والتشغيلي.
هنا تحديداً يمكن فهم جانب من تحذير بيدرسون – وإن كان لا يقصده – قبل انطلاق أعمال الجولة الحالية، من “هشاشة الوضع السوري”، وإمكانية انهياره في أي لحظة، فالرجل، الخبير بالعلاقات الدولية ودهاليزها، يعلم جيداً أن رعاة الطرف المعارض ينتظرون تبلور سياسة بايدن اتجاه سورية والمنطقة ليبنوا على الشيء مقتضاه، وبالتالي فإن اللجنة الدستورية، في ظل طبيعة تشكيلها الحالي والعوامل الخارجية المؤثرة بها، “لا تستطيع العمل بمعزل عن عوامل أخرى مثل تعاون دولي ومفاوضات حقيقية”، الأمر الذي يستدعي من المبعوث الدولي العمل على رأب الصدع في هذا الفريق وبين رعاته الدوليين، قبل رأب الصدع بين السوريين أجمعهم على ما تقول مذكرة تكليفه الأممية.
بيد أنه من واجبنا أن نعيد التأكيد على أهمية استمرار الحوار السوري – السوري الشامل سواء كان بمبادرة ذاتية منهم أو بمساعدة الأمم المتحدة أو غيرها، فالحوار هو الحلُّ الأمثل لحلِّ الأزمة السورية، لكن ذلك يفترض بالجميع وعي حقيقة بدهيّة للغاية، ومفادها أن السوريين، وبعد عشر سنوات من مأساتهم المستمرة لا يريدون دستوراً توقّع عليه أيد سورية في الظاهر لكنه مكتوب في دهاليز مبان مخابرات دولية معروفة، لأنه سيكون دستوراً مفخخاً بكل عوامل الحرب المستدامة والمتكرّرة بصورة دورية لا يمكن الفكاك منها أبداً.