“مئوية معركة ميسلون”.. الكتاب الثالث في وثائقيات “وثيقة وطن”
تكريماً للبطل يوسف العظمة ولملحمة ميسلون التاريخية، قامت “مؤسسة وثيقة وطن” بالتعاون مع دار دلمون الجديدة بجمع صفوة ما قيل عنه بقلم بعض من معاصريه من ضباط ووزراء، إضافة لترجمة الوثائق التاريخية المهمة المتعلقة بمعركة ميسلون، والمأخوذة من أرشيف الخارجية الفرنسية، وقد حمل الكتاب عنوان “مئوية معركة ميسلون في ذكرى الشهيد البطل يوسف العظمة””.
جاءت مقدمة الكتاب “الشرف الرفيع”، بقلم الدكتورة بثينة شعبان رئيسة مجلس أمناء مؤسسة “وثيقة وطن”، وتحدثت فيها كيف كان القائد المؤسس حافظ الأسد يستشهد دوماً ببطل ميسلون الشهيد يوسف العظمة الذي كان يعتبره أحد القادة التاريخيين الملهمين له، وأشارت د. شعبان إلى أن الكتاب يأتي في ظل عدة مناسبات قومية مهمة، أولها الذكرى العشرون لرحيل القائد الخالد وتولي الرئيس بشار الأسد مقاليد الحكم عام 2000، وثانياً احتفالاً بالذكرى المئوية الأولى لمعركة ميسلون الذي صادف يوم 24 تموز 2020.
وجاء في كلمة “مؤسسة وثيقة وطن” أنها أرادت من هذا الكتاب أن توثق تفاصيل معركة حُفرت في ذاكرتنا الجماعية وكانت مصدر إلهام لجيل من المناضلين السوريين الذين عشقوا يوسف العظمة وأطلقوا اسمه على شوارع سورية ومدارسها وميادينها، لتضعه بين أيدي جيل الشباب ممن عاشوا الحرب على سورية خلال السنوات الأخيرة، وكانوا قلعة متينة في وجه المستعمر الجديد كما كان الشهيد العظمة من قبلهم وهو يحارب المستعمر القديم.
أولى الشهادات التي تضمنها الكتاب جاءت على لسان وزير الزراعة والتجارة في حكومة فيصل، يوسف الحكيم، صديق البطل يوسف العظمة، الذي وضع مذكراته في أربعة أجزاء صدرت في بيروت، عام 1966. والشهادة الثانية لقائد معركة ميسلون، تحسين باشا الفقير الذي نجا من الموت يومها حاملاً راية الجيش السوري، وتوجه إلى منفى قسري دام حتى جلاء الفرنسيين عن سورية، سنة 1946، ويوم عودته أعاد راية الجيش الوطني بعد أن حافظ عليها طوال ستة وعشرين عاماً، ليقدمها إلى الحكومة السورية في احتفال رسمي أقيم في متحف دمشق الوطني. وقد جُمعت مذكرات الفقير وصدرت سنة 2004، وهي من الكتب النادرة جداً وغير المتوافرة في الأسواق.
أما الشهادة الثالثة فهي لصبحي العمري، أحد ضباط المعركة، الذي وضع كتاب “ميسلون: نهاية عهد”، الصادر في لندن، عام 1990، ثم تأتي دراسة المؤرخ إحسان هندي المنشورة في كتاب فريد عن المعركة، صادر عن وزارة الثقافة سنة 1967، وتليها الشهادة الأشهر للمفكر ساطع الحصري، وزير المعارف حينذاك، وهو الذي قاد المفاوضات السياسية مع الفرنسيين قبيل المعركة، وقد صدرت شهادته في دمشق، عام 1948، في كتاب حمل عنوان “يوم ميسلون”.
ولا تزال معركة ميسلون موضع دراسة وبحث مما أنتج مجموعة غنية من المؤلفات ومنها هذا الكتاب الذي يشكل قيمة مضافة للمكتبة العربية ومرجعاً للباحثين والمهتمين بالتاريخ المعاصر لسورية ولكل المؤمنين بثقافة المقاومة.
وكانت مؤسسة وثيقة وطن أنشئت قبل ثلاث سنوات نتيجة حاجة وطنية فرضتها الحرب على سورية، ورؤية إستراتيجية مستقبلية لما يمكن أن يصل للأيام القادمة من وثائق، وما يمكن أن تطويه صفحات النسيان، فجاءت المؤسسة لتغطي جوانب عديدة أهمها التراث الشفوي، والتراث المادي، والتراث اللامادي. وفي الوقت نفسه التفتت المؤسسة إلى الوثائق التي صنعت حاضرنا، أو غيرت منه، وهذا ما كان من نشرها لوثائق سايكس بيكو مترجمة ترجمة علمية، والتفتت كذلك إلى فن “التراجم”، أو ما يعرف اصطلاحاً بالسير العلمية أو الغيرية، وفي هذا الجانب يقع كتاب المؤسسة ميسلون، فهو سيرة بطل، وقصة معركة، وملحمة وطن، وقصة ميسلون الخالدة الباقية، وبإصدار المؤسسة لهذا الكتاب قدّمت الوثائق التي يحتاجها السوريون والجيل الشاب تحديداً لقراءة تاريخه موثقاً لا يعتمد التحليل والرؤى، ليقرأ كل واحد ويفهم كما يشاء دون أي تأثير من كاتب أو مموّل أو ما شابه ذلك.
والكتاب من القطع الكبير ويقع في 258 صفحة وصمم غلافه الفنان باسم صباغ.