اقتصادصحيفة البعث

أي مآل هذا..؟!

حسن النابلسي 

تصريحان خطيران أطلقا مؤخراً: الأول من وزير الزراعة بقوله: “إن سورية فقدت 50% من ثروتها الحيوانية”، والثاني من رئيس جمعية اللحامين بتأكيده: “إن الثروة الحيوانية في سورية آيلة للانقراض وعددها يتناقص، منها العجل والخروف وحتى الدجاج”!.

إذاً، نحن أمام منزلق زراعي ينذر بخطر عوز غير مسبوق لثروة طالما كانت تحقق اكتفاء ذاتياً يقي من انعدام الأمن الغذائي من جهة، وتدر قطعاً أجنبياً نتيجة تصدير الفائض منها لأنها مرغوبة في عديد من دول العالم من جهة ثانية!

ربما لا نحتاج مزيداً من التفكير لنعرف ما الذي آل بهذه الثروة إلى هذا المآل، فالأسباب معروفة – على الأقل بالنسبة لأصحاب القرار – وملخصها باختصار “ارتفاع تكاليف الإنتاج مقابل تدني القوة الشرائية”، ما أفضى بالنتيجة إلى خروج المربين عن الإنتاج، ناهيكم عن الأمراض التي أصابت الأبقار، وساهمت بنفوق أعداد كبيرة منها!

ألم يكن بوسع وزارة الزراعة التي يدق وزيرها حالياً ناقوس خطر انقراض الثروة الحيوانية، التنبه إلى هذا الأمر مسبقاً، والمسارعة إلى تعزيز دعم هذا القطاع الاستراتيجي بسخاء حتى لو كان على حساب موازنة الوزارة، لاسيما إذا ما علمنا أن فاتورة استيراد منتجات الثروة الحيوانية لاحقاً – في حال صدقت رؤية الوزير بانقراضها – ستكون أضعافاً مضاعفة عن فاتورة دعم المربين على المدى الاستراتيجي، سواء مادياً اقتصادياً لجهة استنزاف القطع، أو معنوياً سياسياً لجهة الاستعانة بالغير لتأمين المواد الغذائية؟!

ألم تتنبه الحكومة ممثّلة بالفريق الاقتصادي أيضاً لتدني الحركة التجارية نتيجة تدني القوة الشرائية، واحتمالية خروج صناعات محلية من الإنتاج كالألبسة التي تشهد انحساراً بالإنتاج ينذر بخواتيم لا تحمد عقباها؟! ألم تتنبه وتتخذ إجراءات تدعم القوة الشرائية حفاظاً على ما تبقى من بنية إنتاجية؟!.

بالعودة إلى ما بدأنا به الحديث، نؤكد على ضرورة وضع استراتيجية وطنية للحفاظ على هذه الثروة وتطوير إنتاجيتها، لاسيما في ظل التضخم وانخفاض القوة الشرائية لليرة، على أن يكون قوام هذه الاستراتيجية توفير الإنتاج قدر المستطاع لكسر حدة الأسعار، بحيث تتصدر تلبية احتياجات الثروة الحيوانية من الأعلاف الأولويات، ليس عن طريق الاستيراد فحسب، بل أيضاً عن طريق الإنتاج المحلي، مع مراعاة خفض التكاليف إلى أدنى حد ممكن حتى لو تكلّفت وزارة الزراعة أعباء طائلة، لأن ذلك – كما أسلفنا – سيكون أخف وطأة من الاستيراد، والأهم أنه سيحافظ على الإنتاج المحلي، ولنا بمنتج القمح مثال يحتذى به، إذ كانت تكلفة إنتاج الأخير في مرحلة ما أعلى من تكلفة استيراده، ومع ذلك اتخذت الدولة خيار التوسع بإنتاجه لتحقيق الاكتفاء الذاتي!.

hasanla@yahoo.com