تونس.. المشيشي يعفي وزراء محسوبين على الرئيس في خضم أزمة دستورية
وجّه الرئيس التونسي قيس سعيّد كتاباً إلى رئيس الحكومة هشام المشيشي بشأن الجوانب القانونية المتعلقة بالتعديل الوزاري، وقال فيه: إن “السلطة السياسية في تونس يجب أن تعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب”، وأضاف: إن “اليمين لا يقاس بمقاييس الاجراءات الشكلية أو الجوهرية بل بالالتزام بما ورد في نص القسم”.
جاء ذلك عقب قيام المشيشي الاثنين بإعفاء خمسة وزراء من مهامهم، في انتظار الحسم في مصير التعديل الحكومي المعطّل منذ أسابيع.
وأفادت رئاسة الحكومة، في بيان، أن قائمة الوزراء المعفيين تشمل: محمد بوستة وزير العدل، سلوى الصغير وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم، كمال دقيش وزير الشباب والرياضة والإدماج المهني، ليلى جفال وزيرة أملاك الدولة والشؤون العقارية، عاقصة البحري وزيرة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري. وكلّف المشيشي بالإضافة إلى مهامهم الأصلية، بالإشراف على الوزارات التالية بالنيابة: وزارة العدل حسناء بن سليمان، وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، محمّد بوسعيد، وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية، أحمد عظّوم، وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري، محمد الفاضل كريّم، ووزارة الشباب والرياضة والإدماج المهني، سهام العيادي.
ويرى مراقبون أن بعض الوزراء المعفيين محسوبون نظرياً على رئاسة الجمهورية.
ولا تزال تونس عالقة في معركة لي أذرع بسبب خلافات دستورية، في حين لم يستطع الوزراء في تونس مباشرة مهامهم منذ 25 يوماً، بينما يحتدم الخلاف السياسي بين الرئيس سعيّد من جهة والمشيشي من جهة أخرى وسط أزمة صحية حادة.
ويرى مراقبون ان اعفاء الوزراء المحسوبين على الرئيس رسالة قوية من المشيشي للجهات الداعمة لسعيد بانه سيظل على مواقفه رغم الضغوط.
وأعلن رئيس الحكومة، الذي كلّفه سعيّد بتشكيل حكومة غير متحزبة خلفاً لحكومة الياس الفخفاخ، في 16 كانون الثاني تعديلا شمل 11 وزيراً بطلب من أحزاب الحزام السياسي وهي الأحزاب الداعمة لحكومته (حركة النهضة وائتلاف الكرامة وقلب تونس).
ولم يؤدي الوزراء المعنيين بالتعديل مهامهم بعد بسبب عدم أداء اليمين الدستورية أمام رئيس الدولة، الذي عبر عن تحفظه ورفض أن يؤدي بعض الوزراء اليمين أمامه، مبرراً رفضه بأن بعض الأسماء حولها شبهات فساد وتضارب مصالح.
وتأتي هذه الأزمة بين رأسي السلطة في ظل غياب المحكمة الدستورية التي تعثر تشكيلها منذ سنوات بسبب خلافات على أعضائها في السابق طبعت مرحلة من التجاذبات السياسية والحزبية.
والمحكمة الدستورية هي الهيئة القضائية المخولة للنظر في مثل هذه الخلافات دون غيرها، فيما يرخي هذا الفراغ الدستوري بثقله على الأزمة الحالية المرشحة للتصاعد والتي أعادت إلى الواجهة معركة الصلاحيات المكتومة.
وكان رئيس البرلمان، الذي هو رئيس حركة النهضة الإسلاموية، راشد الغنوشي قد طرح مؤخراً تغيير النظام السياسي الحالي من نظام (مزدوج هجين) عالق بين برلماني ورئاسي، إلى نظام برلماني بصلاحيات واسعة لرئيس الحكومة على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية منصباً شرفياً.
ولجا المشيشي الى المحكمة الإدارية لحل الأزمة لكن القضاة أكدوا أنهم غير متخصصين، فيما دعا عدد من أساتذة القانون الدستوري الذين لجا اليهم المشيشي الى حل الازمة سياسيا مع الرئيس.
ورفض هشام المشيشي إعلان استقالته وفق رغبة بعض الاطراف المحسوبة على رئيس الجمهورية.